أنزل (سو) إلى الأرض فاستمرت ترقص وهي متعلقة بساقيه، ونظر إلى الخطاب الذي أخذه من ابنته، فحاولت أن أختطفه من يده ولكنه أمسك بيدي ورفع يدي على رأسي، وكان لون وجهينا قد استحال إلى صفرة الموت وثقل تنفسنا، وقال في إيجاز:
- لقد اشتبهت في شيء من هذا القبيل منذ عهد بعيد ثم ترك يدي وبدأ يقرأ الخطاب، فانحنيت على الصندوق وخبأت وجهي بكفي واندفعت في بكاء عنيف، علماً بأن ما وجدت كان الخاتمة والبداية. فقد كان علمه بما بيني وبين (تيد) عذاباً لي وراحة في وقت واحد. فمعناه مواجهة الحقيقة ثم الاستقرار على أمر
ثم قال وقد تجهم وجهه وتقلصت شفتاه واشتعلت عيناه بنار الجرح الذي أصابه:
- حسناً، ولعل الخير في أن تذهبي، ألا ترين ذلك؟
فضممت (سو) بين ساعدي وضغطت جسمها الصغير الدافئ إلى صدرى، وقلت في لهجة منقطعة بالتنهد:
- لا أستطيع أن أتركها وأبتعد عنها.
فعانقتني الطفلة وهي تقول بلهجة الطفولة المرحة:
- لا تبكى يا أمي. . لا تبكي. . وانظري (سو) فهي تحبك لا تبكي. . .
فانتزع روني الطفلة مني وقال بلهجة مخيفة:
- لابد من أن تفارقيها، فإنك لن تأخذيها معك ولن تبقي هنا معها. . . إذهبي إليه إن كنت تعنين به فوق ما تعنين بأهلك! إنك تحبينه، فلن تبقي هنا تخادعينني
فقلت متوسلة:
- أرجوكيا روني. . . أرجوك أن تفهم!
- فأجاب في ثبات:
- أني فاهم. . . لقد كنت تحبينه دائماً. . . ولم تحبيني قط! فاذهبي إليه. . . ولكنك لن تأخذي (سو) أبداً.
فقلت باكية: إن لي فيها النصف. فقال:
- إنها لن تعرف لها أباً غيري. . . وسأقف معك أمام أية محكمة في البلاد يا (بام) وسأبرهن على أنك أم غير صالحة لكفالة ابنتك. وسأعمل الآن على كل شيء لإبعادها