للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنك.

فتدلت شفة (سو) واضطربت وانحدرت الدموع على وجنتيها الصغيرتين. فامسك روني بها ولكنها مدت إلي يديها الصغيرتين وهي تبكي وتقول:

- لا تبكي يا أمي. . . أرجوك لا تبكي. . .

وإني لأستيقظ في بعض الليالي فأتخيلها أمامي وأسمع كلماتها الأخيرة لي: (لا تبكي يا أمي!) ولعل هذا هو السبب الذي لا يعينني على البكاء.

حمل (روني) ابنته إلى الغرفة الثانية، وسمعته يكلمها في رقة وهو يلفها في معطفها المصنوع من الصوف الأحمر ويلبسها قبعتها الجميلة ويداعبها ويسألها هل تحبه وتحب الخروج معه.

ثم سمعتها تتحدث فرحة مبتهجة. . . والحق أنهما سيعيشان عيشة سعيدة، فلقد كان أباً صالحاً جداً وكانت الطفلة تحبه حباً مفرطا. . . فهما يستطيعان أن يعيشا من غيري.

ووضع (روني) (سو) في الردهة ثم عاد فوقف بباب غرفتي وقال:

- سأعطيك ورقة طلاقك ولكني سآخذ (سو) معي اليوم. فاسحبي من البنك أي مبلغ من المال شئت، وخذي أي شيء أخر تريدينه.

أي شيء آخر أريده؟ وأي شيء يمكن أن أريده غير ابنتي؟ فشعرت بأن قلبي قد جمد في صدري وقلت باكية:

- ألا تريد حتى أن أبقى هنا!

ولقد كنت حتى تلك اللحظة مستعدة للبقاء معه إذا هو قبل ذلك. فهز رأسه وقال:

لم يعد ذلك الآن بممكن، فمن الخير (لسو) أن تعيش بعيدة عن أم لا تستطيع حتى أن تخلص لزوجها.

وسمعت صوت خطاهما يجتازان الردهة، ثم سمعت صوت إغلاق الباب وصوت تحرك السيارة، ثم وثبت إلى النافذة كمن أصيب بفاجعة مفاجئة وأزاحت الستار، فرأيت وجه ابنتي الصغير ملتصقاً بالزجاج الخلفي وقد تفرطح أنفها وهي ترسل لي بيدها قبلة في الهواء قبل أن تبتعدا عن نظري.

فاستولى الخبل على نفسي وأسرعت إلى آلة التليفون وطلبت لندن ثم بدأت أعد حقائبي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>