الحربي الذي بذل جنود المستعمرات من السمر والسود في كفاحهم لتحرير العالم. فإذا نظرت إلى خريطة الأفريقية تجد الإمبراطورية الفرنسية كتلة ضخمة ملونة بلون واحد تقع جنوب فرنسا وكأنها جزء متمم لها أو امتداد لأراضيهم لا يفصلها عنها غير البحر الأبيض المتوسط، ولكنه طريق سهل قريب لأنه يجمع بين الشاطئين في ساعات معدودة، وهذه الإمبراطورية أو المجموعة من المستعمرات تبدو أمام الناظر والبحر يحيط بها من ثلاث جهات: المتوسط في الشمال، والمحيط الأطلسي في الغرب والجنوب، ويفصلها عن بعضها الصحراء الكبرى وهي في صمتها وتحديها للإنسان لا تزال كالربع الخالي في جزيرة العرب تسخر من الإنسان الذي لم يفك أسرارها بعد ولم يخضعها لأرادته، فقد فكر المستعمرون في استثمار أراضيها وفي اختراقها بعده طرق ممهدة للسيارات أو إنشاء خط حديدي يقطعها من الشمال إلى الجنوب، ولم يتحقق للآن شئ من ذلك لأن مجهودات فرنسا محدودة، وهي لن تسمح لغيرها من الدول أن يتولى هذا العمل عنها. ويخيل إلى الباحث أن هذا العمل الاستعماري الذي بدأ بعد حروب نابليون طفرة فأصبح حقيقة في عصرنا الحالي يبدو كعمل عظيم ساهمت فيه أمة برجالها ودمائها وتفكير أبنائها، وإنه إن دل على شئ فهو يدل على عبقرية الذين جاهدوا في إنشائه وجمعوا بصبر شتاته فحققوا لبلادهم حكم إمبراطورية موحدة كافية لإسعاد أي بلد أوروبي يمكنه أن يتحول باستغلال خيرات هذه الإمبراطورية وثرواتها وأراضيها إلى بلد عظيم في الصف الأول من العالم.
فهل وصلت فرنسا إلى أن تحكم بعقل وحكمة ودراية وهذه الإمبراطورية وأن تحسن سياستها مع الشعوب التي تسكنها فتسعدها وتزيد من عدد سكانها وتأخذ بيدهم في الطريق الحضارة والعلم والحكم الذاتيحتى تجني ما في هذه الأراضي من الخيرات والثمرات؟
الواقع إن فرنسا لم توفق كثيراً في مضمار الاستعمار كما يفهمه العالم الغربي، وان وفقت فلشيء لا يتناسب مع جهودها أو هو ضئيل بجانب ما كان يمكن أن تصل إليه، ذلك لأنها بقيت ولا تزال تعيش على أساليب الماضي في إدارة مستعمراتها وفي علاقتها مع البلاد الخاضعة لها، وإلا فماذا يواجه الباحث في أنحاء إمبراطوريتها ما يشعره انه داخل حصن كبير أو معسكر من المعسكرات وحوله نطاق من الأسلاك الشائكة يحرسه جنود من