للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السنغال يسيطر عليهم رجال أشداء كل همهم قطع كل العلائق بين هذه البلاد والعالم الخارجي ولا يعرفون سوى قانون البطش في علاقاتهم مع السكان؟.

لماذا يلازم الناس هذا الشعور دائماً؟ لان عيوب الإدارة الفرنسية للمستعمرات ظاهرة واضحة ملموسة وموقف الحكومة المركزية وممثليها يشعرك باستمرار إن فرنسا لم تنجح كأمة حاكمة، ولذلك لم تستطيع أن تقدم دليلاً واحداً على رغبتها في تحرير الشعوب المظلومة ولا في الأخذ بيدها في طريق العلم والنور، ولا في إعطائها ما تطلب من حرية أو حكم ذاتي أو اشتراكها في إدارة الأمور العامة أو تسليمها إلى أهلها، كما أنها لم تقدم للعالم برنامجاً إنسانياً يمكن أن يحقق شيئاً من ذلك.

إننا لا نقر الاستعمار على أي وجه من الوجوه، ونراه نكبة على البلاد والأمم التي أصيبت به، ولكننا مع ذلك ننقل عن كتاب الغرب وعن الفرنسيين أنفسهم ما يعترضون به على هذه الإدارة ونتساءل مع الباحثين لماذا تطور العالم ووقفت فرنسا جامدة لا تتقدم؟ ولماذا غمرت الدنيا موجات التحرير في أفريقيا وآسيا وتسللت إلى الأراضي الفرنسية، وفرنسا واقفة لم تتغير ولم تستفد شيئاً من الدروس الماضي؟ ثم كيف تقدم على إقرار سياسة الإدماج والاتحاد في وقت تبدو فيه عوامل التفكك والانهيار ملموسة واضحة؟ أليس في فرض ساسة الاتحاد دليل على إفلاس السياسة التي اتبعتها الحكومة الفرنسية والتي كانت ترمي إلى إلغاء الجنسيات والقوميات في بعض الجهات وصهرها في بوتقة واحدة؟

نظريات استعمارية:

يقولون الباحثون في الاستعمار وشئونه إنه كمشروع تجاري يجب أن ينتهي بالكسب على أقصر سبيل وأهون طريق، فليس من مصلحة الدولة الحاكمة أن تتحمل تكاليف إدارة المستعمرة وحفظ الأمن فيها، بل هي تساعد على أن تقف المستعمرة معتمدة على مواردها الخاصة، ويكره المستعمرة استعمال العنف والقوة، ويعد التلويح بهما ضعفاً، والالتجاء إليهما مخاطرة يتحاشى الوقوع ما أمكن فيها، فهو كالتاجر الذي يحاسب على الدانق ويحسب للمستقبل ألف حساب، ولذلك يعتمد في حكم الشعوب على نفسيتها وفهمها ليستغل غرائزها لصالحه، ولا يلجا إلى السلاح إلا في الوقت المناسب وبالقدر اللازم، وهو أسرع الناس إلى إزالة اثر القوة من نفوس المحكومين. هذه هي تجارب الأمم التي سارت في هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>