تخلو دار منها؛ وأنا قاضي شرعي عملي أن أرى دائما دخائل البيوت، وأن أطلع على أسرار الأسر، فصدقوني إذا قلت لكم، إني لا أعرف زوجين لا يختلفان، ولكن خلاف الأزواج كحريق في كومة من العش ملقاة في رحبة الدار، إذا أطفأته أو تركته ينطفئ همد بعد لحظة، وحمل الريح رماده، فلم يرزأك رزءاً، ولم يعقبك أذى وأن هجته أو دنيت منه ثوبك، أو قربته من بيتك، أحرق الثوب وخرب البيت، ولقد كان بيني وبين زوجتي اليوم خلاف كهذا، فقلت لها:
- تعالىْ أعينيني على كتابة مقالة؟
وكانت هذه المقالات ضرتها، فحسبتني أسخر منها، واندفعت تريد أن (تقول). . . فما زلت بها أكملها بجد، حتى بدا عليها الاهتمام وقالت:
- وكيف أعينك؟
قلت: تقولين لي كيف يختلف الأزواج؟
ومضينا نستعرض حوادث الاختلاف بيننا ونحل أسبابها فانتهينا إلى الضحك منها
يا سادة ويا سيدات: إنه قد يكون بين الزوجين اختلاف مفهوم على مال أو عقار، ولكنه نادرا وأكثر الخلاف تافه مضحك، ليس له عندهما قيمه أو خطر، وأنا أفهم أن تهتم المرأة بهذا، ما دامت تريد أن تشغل عقلها كما تشغل يدها، وما دامت لا تجد مشكلة علمية أو أدبية تبحث فيها وليس لها إلا مشاكل البيت - ولكن ما بال الرجل يهتم بها ويبالغ في تقديرها؟
تقولون: كيف نصنع ليسود البيت السلام ويشمله الهدوء؟
أنا أقول لكم؛ مقالة مجرب حكيم، فاستفيدوا إن شئتم من حكمتي وتجربتي
هذه (أقراص) سهلة البلع، عظيمة النفع، فيها شفاؤكم من هذا الداء:
أولها: إن الزوج يبدأ بالحب والعاطفة، والحب أوله حلاوة وآخره مرارة، فهو يعمي البصر، ويصم الأذن، ويغطي العيوب، فإذا زال الغطاء، ولا بد يوما أن يزول الغطاء، وبدا المحجوب من العيوب، وظهر المستور من الأمور، وافتقد الزوجان لذة الحب فلم يجداها، انتهى شهر العسل، وبدأت سنوات العلقم، فتجرعا العمر كله مرها، وقاسيا ضرها. والدواء ألا يرقب الزوجان المحبة والعشق، فالحب عمره معمر الورد، لا يعيش إلا أمدا