إنني أعتقد إن المرأة ليست في حاجة إلى شئ من الحقوق حتى تطالب به! فهي فيما أرى متمتعة بكافة الحقوق التي منحتها إياها الطبيعة والشريعة، وهي مساوية لحقوق الرجل تماما، وكل ما في الأمر إن هذه الحقوق تختلف باختلاف الجنسين، وقد فرض الله لكل منهما ما يتفق مع فطرته وقدرته وخلقته، وبذلك يمكن النظر إلى ما للرجل وما للمرأة عن طريق المساواة وتوحيد الأعمال، لأن هذا يفسد نظام المجتمع ويضع الأمر في يد غير أهله، وقد يسر الله كل جنس لما خلق له
وبشيء من الموازنة بين ما قررته الشريعة للنساء وللرجال نجد المرأة في الكفة الراجحة، ونرى أنها حين تطلب المساواة بالرجل تنزل عن شئ كثير من امتيازاتها
هذا عقد الزواج الذي يجمع بين المرأة والرجل، يلتزم فيه الرجل بالمهر والنفقة بجميع أنواعها: نفقه المسكن والغداء والكساء وما يتبعها من ملحقات، وهو مع ذلك كله لا يعطي الرجل أكثر من حق الاستمتاع بالمرأة استمتاعا عاطفيا بحتا مجردا عن الماديات والخدمة والتسخير
وقد حددت الشريعة هذا المعنى بنص الآبه الكريمة (ومن آياته أن خلقَ لكم من أنفسكم أزواجاً لِتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إنَّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)
وإذاً فالعلاقة بين الزوجين يجب أن تقوم على أساس سكون النفس وارتياحها واطمئنانها ورضاها، ولن يأتي هذا السكون إلا بتجاوب الشعور، وتبادل العاطفة وتقارب الثقافة وتكافؤ التربية. وأضافت الشريعة إلى هذا كله وجوب توفر المودة والرحمة، وكلها صفات عاطفية مجردة عن المنفعة والانتفاع، وهذا نوع عجيب من السمو رفع المرأة إلى أرقى المراتب ووضع العلاقة الزوجية في أسمى الدرجات
لقد كانت المرأة في الجاهلية تباع وتشترى، وتكره على الزواج والبغاء، وتورث ولا ترث، وتمنع من التصرف في مالها، وكان قدماء الرومان يشكون في إنها إنسانة ويعتقدون إنها حيوان نجس لم يخلق إلا للخدمة، وكان بعضهم يغالي في اتقاء شرها ويرى تكميم فمها لمنعها عن الكلام كالكلب العقور أو الجمل العضوض!! وأغرب من هذا كان يباح للوالد ذبح ابنته أو دفنها في التراب وهي على قيد الحياة دون أن يؤخذ بجزاء أو قصاص (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم