في جمع ضم نخبة ممتازة من أصحاب الدولة والمعالي من مصريين وشرقيين وعرب تحدث متحدث عن مراكش وما تلاقيه في سبيل الحصول على استقلالها، فرد عليه أحد أصحاب المعالي قائلا: إننا لا نسمع إلا قليلا عن الحركة الوطنية في مراكش، ولذلك لا نستطيع أن نقوم نحوها بشيء جدي. ذلك حديث صاحب المعالي ولست أدرى أأنكر عليه حديثه أم أسرد عليه بعض الحقائق التي تبرهن له على إن مراكش جاهدت في سبيل استقلالها جهاد المستميت، وضحت في سبيل قوميتها تضحية لا أحسب أن أمة شرقية ضحت أكبر منها.
والحقيقة إن مراكش وقعت تحت الحماية الفرنسية، ويكفي أن أقول (الحماية الفرنسية (ليدرك إخواننا العرب في الشرق ما تعانيه هذه الأمة من بطش وجور واضطهاد، وليدركوا أيضاً - إن كانوا قد سمعوا أو رأوا ما وقع في سوريا ولبنان طوال الربع قرن - ما يتجرعه المراكشيون في سبيل كيانه الوطني؛ مع ما يوجد هناك من فارق جوهري بين الحالة في الشرق والحالة في مراكش. وهذا الفارق وأن مراكش وقعت في الركن الغربي في شمال أفريقيا، وبذلك أصبح في إمكان الفرنسيين إن يقفلوا الأبواب في وجهها، ويكتموا أنفاسها حتى لا يسمع صوتها أحد في الشرق أو الغرب. وقد تم لها ذلك. فما إن تتحرك البلاد حتى تقفل جميع الحدود، وتمنع إدارة البرق من أن ترسل أي رسالة إلى الخارج وبذلك يتم للفرنسيين أن ينفردوا بمراكش فيقضوا على حركتها بالحديد والنار - ويخمدوا أنفاسها إلى حين، وبذلك لا يدري أحد ماذا جرى في مراكش.
الست ترى معي إن صاحب المعالي معذور في قوله إن حركة مراكش لا يسمع لها صوت؟ وسنحاول في هذا الحديث أن نلخص جهاد المراكشيين في سبيل استقلالهم وحريتهم.
يبدأ تاريخ الجهاد الوطني منذ فكر الأجانب في احتلال مراكش، وقد فطن لذلك المراكشيون فكانت ثورة المولى عبد الحفيظ وتوليته العرش سنة ١٩٠٧ قائمين على أساس أبعدا خطر