الأجانب عن البلاد والقيام بالإصلاحات الداخلية التي يتطلبها العهد الجديد كما ورد في الوثيقة التي بويع على أساسها. وقد قام المراكشيون في ذلك العهد ضد المولى عبد العزيز وعملوا على خلعه لأن النفوذ الأجنبي بدأ يتسرب إلى البلاد في عهده. ولما أخفق المولى عبد الحفيظ في إبعاد الفرنسيين عن البلاد وإخراجهم من مدينتي (وجره) و (الدار البيضاء) وأكره على إمضاء معاهدة الحماية سنة ١٩١٢، قامت ثورة في مراكش كلها وخاصة في العاصمة (فاس) التي حدثت فيها مصادمات عنيفة بين الشعب المراكشي والجيش الفرنسي. وهذه المصادمات - وإن انتهت بالإخفاق - ترغم الفرنسيين على الجلاء عن العاصمة، لولا الإمدادات القوية التي تلقاها المرشال (ليوطى) قائد الحملة الفرنسية. والمؤرخون الفرنسيون تحدثوا عن هذا العهد يقدرون هذه الحوادث التي يسمونها (أيام فاس السوداء).
ولئن استلم المراكشيون في المدن الكبرى لأنهم غلبوا على أمرهم تحت مدافع الفرنسيين وبنادقهم. فقد استمرت الحرب في القبائل الجبلية وخاصة في الجنوب. استمرت حرب العصابات بين الفرنسيين والمراكشيين اثنتين وعشرين سنة فلم تستلم حاميات الجنوب إلا في سنة ١٩٣٤.
وفي هذه الفقرة قام الأمير عبد الكريم الريفي ليخلص البلاد من يد الإسبانيين والفرنسيين، ولا نريد أن ننوه بانتصاراته العديدة، وبما لاقته الجيوش الإسبانية، والفرنسية على يديه، فإن القراء في الشرق العربي يعرفون هذه الحروب ويقدمونها، وهم يعرفون إن عبد الكريم بطل مراكش لم يعمل على بناء مراكش الحديثة فحسب، ولكنه ساهم في بعث الروح العربي في الشرق أيضا. ويكفي أن نقول أن انتصاراته أقضت مضجع أوروبا كلها، وجعلت مجلس النواب في كل من فرنسا وإسبانيا يطالبان بسحب الجيوش من مراكش، والتسلم للأمير عبد الكريم، وقد كادت تقوم ثورة شعبية في إسبانيا لتنقذ البلاد من ويلات الحرب الريفية التي استمرت زهاء خمس سنوات كاملة.
ولم يكد الأمير عبد الكريم يلقي سلاحه حتى تلقفته منه الحركة الوطنية السلمية التي أعلنت ابتداء جهادها في مايو سنة ١٩٣٠. قامت هذه الحركة لتعمل على تخليص البلاد من نير الاستعمار الفرنسي والإسباني، فأخذت تعمل جاهدة لتحقيق المطالب القومية للشعب المراكشي. وقد تمثلت هذه الحركة في حزب واحد هو (كتلة العمل الوطني) وكان لهذه