الكتلة برنامج وطني يشمل الإصلاحات الضرورية التي يجب على كل من فرنسا وإسبانيا أن تعالج بها الحالة في مراكش. وما كادت الكتلة تعلن عن وجودها حتى التف حولها الشعب، وأصبح الفرنسيون يدركون خطرها على مشروعاتهم الاستعمارية، ومن أخذوا يقاومونها مقاومة أدت إلى اصطدامهم بالشعب مرات عديدة، وكان من نتيجة ذلك أن سقط في ميدان الجهاد عدد كبير من المجاهدين المراكشيين.
وكانت سبيل الفرنسيين في محاربة الحركة الوطنية تقوم على إقفال الأبواب في وجه الوطنيين ومنعهم من كل من شأنه أن يقوى نفوذهم من الشعب. فقد كانوا ممنوعين من إصدار صحيفة عربية واحدة تعبر عن آرائهم كما منعوا من فتح نواديهم، ومن إعلان صوتهم بأي طريقة من طرق الإعلان. جاهد الوطنيون ليزيحوا عنهم هذا النير، ولكن الفرنسيين كانوا يمنعون في طرقهم الاستعمارية، وهذا ما جعلهم يصطدمون بالشعب المراكشي فسلطوا جند السنغاليين المعروف بقسوته ووحشيته على الشعب الأعزل. . . وأخيرا أصدرت السلطة قرارا بحل كتلة العمل الوطني وأغلقت نواديها وصحفها، وقبضت على زعمائها، وبقي زعيم الكتلة محمد علال الفاسي في منفاه بالكابون في أفريقيا الاستوائية منذ سنة ١٩٣٧ إلى الآن
وهكذا أصبحت مراكش مباءة للثورات الجامحة في سبيل الحرية. ولكن لم يكن جهاد الحركة الوطنية ثوريا يعمل على زحزحة النفوذ الأجنبي بالثورات فحسب، ولكنه كان جهاداً يقوم على أسس متينة لبناء صرح الأمة المراكشية. فرجال الحركة رأوا إن الإدارة الفرنسية لا تقوم بشيء يذكر في سبيل التعليم، ولذلك قاموا بحركة تعليمية واسعة النطاق، ففتحوا المدارس الحرة في جميع أرجاء البلاد برغم ما قاسوه من محاربة الإدارة الفرنسية لهم؛ وبذلك أنشأوا جيلا متعلما من الشباب، وكان مجهودهم في سبيل التعليم أضخم من مجهود الإدارة برغم الأموال التي خصصتها الإدارة في ميزانيتها للتعليم. وقاموا أيضاً بحركة تحريرية اجتماعية فجندوا الشباب لمحاربة الجهل والفقر ولتنوير أذهان الشعب، وحملوا حملة منكرة على بعض العادات والتقاليد التي يغذيها الاستعمار الفرنسي. ثم قاموا بحركة خطيرة وهي اقتحام مناطق جبال الأطلس التي منع الفرنسيون دخولها إلا بجواز سفر. وبذلك فضحوا (السياسة البربرية) التي اتبعتها فرنسا في هذه المناطق والتي تقوم