على فصل جنوب مراكش عن شمالها. وقد ساعدت الحركة الوطنية في بعث النشاط الأدبي والفكري في مراكش فقاموا بإصدار مجلات وكتب أدبية تعرضت هي الأخرى للمصادرة والتعطيل. ومما يذكر للحركة الوطنية بالفخر إنها أنشأت صحفاً ونوادي وجمعيات في قلب باريس للدفاع عن مراكش. وكان لمجتلي (مغرب) و (أطلس) الفرنسيتين اللتين كان يحررها الشبان المراكشيون في باريس أثر كبير في الرأي الفرنسي فأوجدت نوايا ووزراء فرنسيين يعطفون على الحركة المراكشية.
وقامت الحرب الأخيرة فقام المراكشيون يساعدون دول الحلفاء ويبذلون أبناءهم الذين حاربوا في كل الميادين الهامة ببسالة شهد لهم بها مستر تشيرشيل في إحدى خطبه، وقدمت الحكومة المراكشية أموالا طائلة مشاركة في المجهود الحربي. ثم قدمت لفرنسا المحاربة وللجنة التحرير الفرنسية قروضا كبيرة استعانت بها في استرجاع بلادها المحتلة. وقد سخرت جيوش الحلفاء أرض مراكش وموانئها ومطاراتها واستفادت من منتجاتها الضخمة. كل ذلك ظننا من المراكشيين بأن الحرب ستخلق مبادئ جديدة وستتيح للشعوب الصغيرة أن تتمتع بمبادئ الميثاق الأطلنطي. ولذلك اتحدت كلمة الأمة تحت زعامة (حزب الاستقلال) الذي قدم وثيقة لدول الحلفاء ومن ضمنهم فرنسا، طالب فيها باستقلال مراكش، وتوحيد أراضيها، وإقامة نظام ديمقراطي دستوري؛ كل ذلك في يناير سنة ١٩٤٠ ولم تكد تعلن هذه الوثيقة حتى جند الفرنسيون جنودهم، وقبضوا على زعماء الحزب وشردوهم ونفوهم، ثم أطلقوا يد السنغاليين في كل المدن والقرى، فمثلوا مأساة يندى لها جنين الإنسانية، ومنعت الإدارة الفرنسية عن المدن والقرى مواد التموين الضرورية والماء والنور. ولكن المراكشيين ثاروا في وجه الفرنسيين وحلفائهم السنغاليين، فوقعت معارك طاحنة سقط فيها مئات المراكشيين ضحية دفاعهم عن حريتهم واستقلالهم، وحكم بالإعدام على كثير من الوطنيين وبالنفي والسجن مع الأشغال الشاقة على كثير غيرهم ولا يزال زعيم الحزب أحمد بلا فريح منفياً بجزيرة كورسيكا برغم أصابته بأمراض خطيرة. ولكن الحركة لم تمت بل ازداد الشعب إيمانا بحقه في الحياة الحرة الكريمة ولا يزال بعمل برغم ما ينتابه من نكبات إلى أن يصل، وسيصل. . .