قبضة يده يصرفها كيف أراد. وجاء أدب المرأة للعقل، وأدب الرجل للعاطفة، عندما تطيش الحلوم، وتراش السهام، ويدبر المنطق وتقبل بدوات الثأر، وتغرورق العيون من رثاء أو عتاب أو ثكل، فيعمل الرجل بعاطفته ويفكر بقلبه، وتسكت هي بفكرها وتتكلم بعقلها فتتم نقصه وتضفي على أدبه اللون القوى العتيد الذي يعوزه. وجاء أدب المرأة بعد هذا لحسن حظها فاقداً بعض الحلقات الموفورة في أدب الرجل، فليس فيه التعريض ولا رمى المحصنات الغافلات، ولم يحو التشكك ولا التجني ولا الوسواس، ولو حوى بعضها جدلا لما كانت من العمق والغور والإثم بالقدر الذي احتواه نتاجه. وجاء أدب المرأة كذلك منحدراً عن أساتيذ لم يعرفهم الرجل، فقد انحدار بعضه عن تعدد الزوجات وأحاسيسها، والطلاق وظله الثقيل، والحجاب غير الشرعي، والجهل والأمية المفروضة، وزحمة المسترخصات من الجواري والقيان المزاحمات للبيت الشريف والزوجية المقدسة، والعضل.
وجاء أدب المرأة متجهاً غير اتجاه أدب الرجل ومتأثراً بهذا العصر وفنونه وعلومه وخصائصه تأثراً غير تأثره، وهذه كلها أبحاث سنقوم على شرحها والتمثيل عليها وإثباتها في حلقات هذه السلسة حتى تستقيم منها دراسة لموضوعنا قائمة على أسس غير ما تعارفه بحاث الأدب حتى الآن.
هذه الفروق التي ذكرتها تتوفر في كل فن من فنون الشعر ولكنها أول ما تتوفر في الوصف؛ فانظروا كيف تكون.
قال الشاعر الفلاسفة أبو العلاء المعري في صباه:
عللاني فإن بيض الأماني ... فنيت والظلام ليس بفان
إن تناسيتما وداد أناس ... فاجعلاني من بعض من تذكران
رب ليل كأنه الصبح في الحس ... ن وإن كان أسود الطيلسان
ويقول فيها وهو من رائع القول:
ليلتي هذه عروس من الز ... نج عليها قلائد من جمان
وكأن الهلال يهوى الثريا ... فهما للوداع معتنقان
? ثم شاب الدجى وخاف من الهج_ر فغطى المشيب بالزعفران
هذا من وحي الصبا؛ وأروع منه عندي قول جحناء بنت نصيب وقد افتر الضحى عن