ألح عليه النزف حتى أحاله ... إلى سفرة الجادي عن حمرة الورد
وظل على الأيدي تساقط روحه ... ويذوي كما يذوي القضيب من الرند
ويناجيه فيها بقوله:
أرى أخويك الباقيين كليهما ... يكونان للأحزان أورى من الرند
إذا لعبا في ملعب لك لوّعا ... فؤادي بمثل النار عن غير ما قصد
وتقول هذه المرأة:
? ما كان إلاّ أن هجعت له=ورمى فأغفى مطلع الفجر
? إذ راعني صوت هببت به=وذعرت منه أيما ذعر
? وإذا منيته تساوره=قد كدَّحت في الوجه والنحر
? وإذا له علق وحشرجة=مما يجيش به من الصدر
? والموت يقبضه ويبسطه=كالثوب عند الطي والنشر
? فدعا لأنصره وكنت له=من قبل ذلك عُدة النصر
? فعجزت عنه وهي زاهقة=بين الوريد ومدفع السحر
? فمضى وأي فتى فجعت به=جلت مصيبته عن القدر
? لو شاء ربي كان متعني=بابني وشد بأزره أزري
? بُنيت عليك بُني - أحوج ما=كنا إليك - صفائح الصخر
أي إعجاز هذا؟ لقد وصفت الحشرجة والنزع والوفاة وعادت وهي أشد ما تكون لوعة إلى صوابها وعرفت أن ربها اختار لها هذا فكانت اصدق أنباء وكانت أكثر دقة وكانت قصيدتها للعقل والإيمان.
٢ - صراحة أدب المرأة:
إن الصدق في الأنباء والدقة في التعبير إنما يجيئان من توفر الإنسان على ما هو في سبيله من الشان والنظر إليه من ناحية الواقع المجرد، وذلك حال المرأة في تلك العصور، فإن انكبابها على ما هي بسبيله، وقصورها عن مجاراة الرجل في مجال نشاطه خارج البيت، أتاح لها أن تتوفر على الموضوعات التي تضطلع بها غير توفره، وتصدر فيها عن حكمة وروية غير حكمته ورويته التي أبطرتها كثيرا التوسعات العسكرية، والفتوحات، وسلطان