ثم تطورت الأمور إلى ابعد من ذلك، وصاروا يحبذون السياسة الروسية التي تنتهجها نحو بعض الممالك الإسلامية، وجندوا أبناءهم في الجيوش الروسية الموجهة لغزو بلاد المسلمين).
مولد الشيخ شامل:
في مطلع هذه الحوادث وفي هذا الجو المضطرب المتقلب، ولد شامل سنة ١٢١٣هـ (١٧٩٧م) في قرية (كمرا) ً من قرى منطقة (آوار) من بلاد الداغستان، ونشأ بها كما ينشأ لداته، وتعلم في مدارس المساجد المنتشرة في قرى الداغستان ودسا كرها واخذ بحظ لا بأس به من الدراسات الدينية والعربية، وكانت الطريقة النقشبندية قد بدأت بالانتشار في تلك الجهات على يد السيد جمال الدين القمومي والشيخ محمد اليراغي، فإنتظم في سلك مريدي تلك الطريقة الصوفية، فصار العالم الديني الصوفي في أن واحد. ولما بلغ شامل الثلاثين من حياته سنة ١٢٤٢ هـ (١٨٢٦م) واشتد ساعده. ظهر في قرية (كمرا) العالم المجدد المصلح الشيخ الغازي محمد الكمراوي الذي هاله ما وصلت إليه حال البلاد والعباد من التأخر الديني، والفساد الخلقي، وقام يدعو الناس إلى الرجوع إلى دينهم، والتمسك بآداب وأحكام الإسلام، فكان (شامل) من أول التابعين له والداعيين بدعوته، ولازمه ملازمة الظل، واصبح أحد مريديه، وأعوانه المقربين إليه.
واستمرت هذه الدعوة الاصطلاحية اللينة المسالمة تسير في طريقها المسلوكة تلقي القبول والسمع تارة، والرفض والإباء والسخرية والازدراء تارات.
وفي سنة ١٢٤٥ هـ (١٨٢٩م) قرر (الغازي محمد الكمراوي) على انه لا بد لكل دعوة إصلاحية جديدة من قوة تسندها، وإلا فلا آمل في نجاحها، ولذلك بدأ يجند بعض الذين استجابوا لدعوته ويخوف بهم المخالفين له والباغين عليه. وفي هذه المرحلة أيضاً نجد (شاملاً) أحد قواد الفرق التي كان يبثها الغازي محمد، ويبعثها إلى الجهات للإغارة والتأديب.
وكثرت مصادمات الغازي محمد الكمراوي مع العصاة والمخالفين الخارجيين على أحكام الدين. ومع رجال الدولة المستعمرة، فكان يحالفه الظفر والنصر في بعض الاوقات، ويخونه الحظ في احيان؛ ولكن (شاملاً) في كل الحالات كان الرفيق الملازم، والمريد