ثالثة للعصيان عام ١٣١٤ في عهد الناصر فأرسل لهم حملة قوية حصرت مدينة ملطية). وفي ذلك ما يشعر بأنهم ينقلون جميعاً عن مصدر واحد وصاحب هذا المصدر أما اختلط عليه الأمر ولم يفرق بين ولاية سيس وأرمينية الجغرافية أو فهم من وجود طائفة من الأرمن في ملطية انه أصحاب الأمر والنهى فيها، أو هو على علم تام بهذه الحقائق ولكنه كغيره من كتاب الغرب الذين لا يملكون التحرر من تقاليد الحروب الصليبية ولذلك ينظرون دائماً بمنظار مكبر إلى كل ما يذكر بأثرها، ولما كانت ولاية سيس من تلك البقايا فهم يحملونها برغم انف الزمن دوراً معها في التاريخ والحروب والعلاقات السياسية ويضيقون الأعراف بأنها ولاية صغيرة في كليليكية.
وواجب علمائنا في التاريخ وضع الأمور في نصابها وإعادة الحق لذويه، ودولة المماليك من الدول الإسلامية التي لم ينصفها التاريخ وتعرضت لشتى الهجمات من كمؤرخي الغرب، ولكن الدكتور علي إبراهيم حسن أنصفها في كتابه وأنصف مصر، وكان كتابه من دلائل النهضة القائمة والوعي التاريخي لإعادة القيم الحقيقة لذلك العصر فله عظيم الشكر والثناء.
وقد اطلعت بعد كتابه ما تقدم عل تحديد نيابة حلب في عهد الناصر كما جاء في مسالك الأبصار ونقل ذلك صاحب صبح الأعشى فإذا فيه (ولاية حلب متصلة ببلاد سيس والروم وديار بك وبرية العراق وتحدها من الشمال بلاد الروم مما وراء البهنسي وبلاد الأرمن على البحر الشامي). . .
ويفهم من ذلك أن بلاد الأرمن يقصد عند ذكرها الأراضي الواقعة على خليج الإسكندرية والبحر الأبيض المتوسط وهي التي يطلق عليها اسم كيليكية أو ولاية أدنه التركية حالياً والتي يخترقها نهراً سيحان وجيحان من الشمال إلى الجنوب: وعرفن بهذا الاسم في هذا العصر الذي نتحدث عنه وألا فهي قديماً بلاد الثغور والعواصم وفيها قبر المأمون بطر سوس وضمت إلى مصر من عهد احمد بن طولون ولها تاريخ طويل ومعارك وأيام.
ولما إستملكها الأرمن بعد الحروب الصليبية تعرضت لهجات المصريين فانتزع الملك الظاهر ييرسقلاع بغراس والبهنسي ودربساك سنة ٦٦٨ ثم فتح الأشراف خليل بن قلاوون قلعة الروم ٦٩١ وهي نهاية م وصل إليه ملك الأرمن شرقاً، وافتتح الناصر الحصون