السيارات وهم يمشون حفاة. . . وتنام على الحرير وهم يهجمون على التراب. . . ويقوم عليها طبيب خاص وهم غرقى في الأمراض. . . لا يجدون الطبيب. .
هذه حال لا يرضى بها الله، ولا العقل، ولا الشرف، وأنا أخاف والله أن تفتح باباً من الشر لا يسد وتأتينا أن لم نتنبه لعلاجها بالداهية الدهياء، بالشيوعية المدمرة، التي تأكل اخضرتا ويا بسنا، وتمحق غنينا وفقيرتا، فتكون لنا الراحة الكبرى التي لا ألم بعدها: راحة الموت.
هذه حال لا يمكن أن يحتملها بشر، فان كان من بيدهم الأمر لا يمشون في الطرقات، ولا يخالطون الناس، ولا يعرفون من الدنيا إلا القصر والسيارة والملاهي والرحلات، فليسألوا: ما باب الفقراء. ماذا يصنعون. وما شأن صغار العمال والموظفين وكيف يعيشون؟ وليعلموا أن عمر كان يخاف أن تضيع شاة على شاطئ الفرات فيحاسبه الله عليها، أفلا يخافون أن يسألهم الله عن أمة بقضها وقضيضها ستضيع على شاطئ النيل: يقتلها الجوع في أخصب أرض، والمرض تحت سماء، والجهل في أول دار للعلم والحضارة؟
لقد كانت مصر طبقات يستعبد بعضها بعضاً، فسوى بينها الأمام العبقري الهادي عمرو بن العاص (تلميذ محمد) وقطع هذا النظام الذي وصلته يد الدهر في عهد الفراعنة الأولين، إلى عهد الاسكندر (تلميذ أر سطو)، إلى أيام البطالسة والرومانيين، وأفاض على الناس الهدى والعدل والنور، فأحبوا لفعله الإسلام، ودخلوا فيه وتركوا له دنيا كان لهم، واقبلوا عليه علماً وعملاً، حتى كانت مصر مثابة الإسلام، ومشرق أنواره، ومورد علومه أفقدر عليها أن تعود القهقري إلى عهد الجاهلية الأولى؟ أترجع نظام الطبقات الذي مات؟ أيكون فيها سادة وعبيد؟ ويعلو بعض أهلها على بعض كأنما بفتح مصر عمرو، ولم يركز فيها راية محمد، ولم تكن مصر أم دنيا الإسلام؟
أنا لا أدعو إلى المساواة المطلقة بين الناس فذلك ما لا يكون ولا يزال في الناس غنى وفقير ما دام عامل وخامل، وذكى وبليد، لن يكونوا أبدا سواء في أرزاقهم ومعايشهم إلا إذا استوى الجنسان وتحقق حلم المدافعين عن (حقوق. . .) المرأة فانقلبت رجلاً، ونبت لها شاربان و. . . لحية!
ولكن أدعو إلى تقرب المسافة بين طبقات الناس، عاليها ودانيها، وأن تضمن الحكومة لكل إنسان حقه الطبيعي في الطعام واللباس والمسكن، وإلا تقر في موازنتها راتباً لموظف مهما