للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صبياً فانه اعقل منها). وأإن سقراط رأى امرأة تحمل ناراً فقال: نار تحمل ناراً، والحامل شر من المحمول).

هذه نماذج من أقوال الرجال تدون في كتب الأدب على أنها فن من فنوني، وعندي أنها فن من فنون المقراض والمثقب والمبرد لا لقل ولا أكثر مما لم يرد في أدب المرأة جميعه.

وليس هذا فقط بل جاء في هذا الضرب من الأدب كلام وجميع مؤلم؛ فقد قال أحدهم:

تمتع بها ما ساعفتك ولا تكن ... جزوعاً إذا بانت فسوف تبين

وإن هي أعطتك الليان فإنها ... لغيرك من خلانها ستلين

وخنها وإن كانت تفي لك أنها ... على مدد الأيام سوف تخون

وإن خلقت لا ينقض النأي عهدها ... فليس لمخضوب البنان يمين

يقابل هذا في أدب المرأة واحتشام وصمت واحترام، إذ هو حلقة مفقودة لديها لا تعرفه ولا تحسن صوغه ولا تتفن فنه، وذلك عندي يفوق كل تمام.

ولم يقتصر هذا اللون من الأدب على مهاجمة المرأة بالتهمة فقط، بل استهدف القضاء المبرم على خصائصها؛ فقد جاء على لسان شاعر الفلاسفة آبي العلاء المعري قوله:

علموهن الغزل والنسج ... وخلوا كتابه وقراءه

فإن صلاة الفتاة بالحمد ... والإخلاص تغنى عن يونس وبراءه

أن هذا فضلاً عن كونه وضعاً شاذاً فهو لون من الأدب بقيت المرأة تجهله وستجهله دائماً ما دامت قد خلقت لرسالة في الحياة سامية القصد رفيعة المجد، وكان عليها أن لا يتجسد عندها هذا الفرق لولا ما تفرغ عنه بالفعل، ومن هذا أن القرآن الكريم أباح النظر إلى وجه المرأة فصيروا وجهها عورة، وفرض عليه النقاب حتى أصبح عورة وحتى صوتها، وإن كان في قراءة القرآن، وتعدى الأمر إلى أكثر من هذا أيضا فاعتبروا اسمها عورة، وضرب عليها الذل والهوان إلى هذه الدرجة حتى أن المتنبي وهو من نعرف شعراً وأدباً عندما أراد أن يرثى خولة بنت سيف الدولة لم يستحسن أن يورد اسمها الذي كان عورة بل استبدله بوزنه فقال:

كأن مغلة لم تملأ مواكبها ... ديار بكر ولم تخلع ولم تهب

هذا هو الذي حز في نفس المرأة كثيراً، فقد أزيحت من المجتمع وضربت عليها الذلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>