الله الكريم وعملاً بما جاء به (واعلموا أن ما غنيتم من شيء فإن لله خمسة ولرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا عل عبدنا يوم الفرقان يوم التقى والله على كل شيء قدير)(٤١ - ٨).
فكون بذلك أساس النظام الاقتصادي، وأمن الناحية المادية في الثورة، كما أغنى المجاهدين المتطوعين، وسد حاجاتهم بما ينالونه من الغنائم، ولم يكتف بذلك بل وجه نظرة إلى نام الجيوش وتدريب المتطوعين على نظم القتال والحروب، كما عنى العناية البالغة بأمر أسلحة هؤلاء المتطوعين، وعمل على إبلاغها إلى الحال التي تصلح للقتال بها مع جيوش الروسيين ذات العدد والعدد.
ومع أن هم شامل كل أو جله كان منصرفاً إلى الناحية الحربية وإعداد المحاربين، وتهيئة كل الأسباب التي تمكنهم من القيام بواجبهم الوطني على الوجه الأكمل، فانه مع ذلك لم يكن ليهمل النواحي المدنية والعمرانية، فقد معنياً جداً بتوطيد نظام القضاء الشرعي في تلك البلاد، فكان بعين في كل قرية يستولي عليها قاضياً يفصل بين أهلها فيما يعرض لهم من أحكام دينهم، ويقيم حدود الإسلام، وينفذ أحكامه فيهم.
ولي هذا فقط، فقد كان يوجه إلى الأقاليم والمناطق التي تخضع له (نواباً) عنه يقومون بالإدارة المدنية في تلك الجهات ويشرفون على جميع شئونها. وكانت مهم هؤلاء النواب في أقاليمهم شبيهة بمهمة المحافظين والمديرين، فكانوا مسؤولين عن جباية أموال بين المال، وتنظيم حركة المتطوعين، والمحافظة على السلام والأمن العام، وحماية السلطة القضائية، وتنفيذ أحكام القضاة، وعلى العموم فقد كان هؤلاء (النواب) يقومون في أقاليمهم بمهمة الحكام لهم ما للحكام من أشراف على مصالح الإقليم ورعاية حقوق الناس وصون أموالهم ونفوسهم، وتنفيذ أحكام التي يصدرها القضاة الشرعيون.
وإذا نحن تركنا الناحية المدنية من إنشاء بيت المال وتنظيم إدارة وما إلى ذلك، ووجهنا نظرنا إلى الناحية الحربية وار شامل فيها. وجدنا الفرق كبيراً والبون شاسعاً بين العهد الذي سبق شاملاً والعهد الذي نشأ بعد تولى شامل القيادة، فالثورة في عهد الغازي محمد الكمراوي وحمزة بك كانت أشبه ما تكون بتلك الحركات السلبية التي تظهر في كل بلد على اثر احتلال جدد من فاتح أجنبي، تظهر هنا مرة، وهناك مرة أخرى، وتظهر في آن