الإسلام فقد وقف المسلمون يقارعون الاستعمار وجهاً لوجه، وبقي خطر الدعوة المحمدية ماثلاً أمام المستعمرين، ولذلك كثر أعداؤنا لأننا أقوياء: والقوي يخلق أعداء لنفسه، ومن هؤلاء جبرييل هانوتو الذي تولى يوماً الإمام محمد عبدة دفعه عن الإسلام في كتاب له مشهور ومواقف مشهودة أمامه.
ويذكرني هذا بما قرأته في مقدمة كتاب الإسلام وسياسة الخلفاء الذي كتبه أنريكو انساباتو (يقف العالم الإسلامي في مواجهة أوربا موزعاً بين أملاك الدول المختلفة والقوميات الحديثة يقاوم بشدة وعنف وعناد معتمداً على وحدته الدينية وصبغته العالمية التي تعطى لحركاته مظهراً ينفرد به عن غيره)
فالسياسة الاستعمارية وقفت إزاء المسلمين حائرة، وهي التي انتهت إلى اعتبار الإسلام عدواً لدوداً للاستعمار الأوربي ووصفته بالرجعية والتأخر لأن قناته لم تلن لجبروت الدول الاستعمارية.
وعلى هذا رسمت الخطط لاستعباد الإسلام ما أمكن من المناطق التي قد يسود فيها: وفي هذه الناحية بالذات ظهرت قرارات لمؤتمر برازافيل تتفق مع قرارات حكومة السودان بشأن التضييق على حرية العبادة ومنع تغلغل الإسلام في أفريقيا الوسطى وهذا مما جعل للإسلام قضية سوف نعرض لها يوماً لعرضها على الضمير العالمي.
ولم تكن فرنسا بحاجة إلى إعلان الاتحاد الفرنسي والدعوة إليه لو كان الأمر متعلقاً بالمستعمرات الأفريقية وحدها، أما والأمر متعلق بشمال أفريقية حيث يسود الإسلام، ولذلك قامت أمامها العقبات وحشدت القوات.
وقد كان من أيسر الأمور عليها فرض الثقافة واللغة والدين والأسماء الفرنسية وإيهام الجنود السود أن آباءهم من بلاد الغال وأنهم فرنسيون دماً وروحاً وفيهم من يصدق وتحمس لذلك.
أما والإسلام والعروبة بالمرصاد، هنا يبدو الاتحاد متردداً يسير بخطوات وئيدة، ويستنير بآراء هانوتو وغيره، وفي ذلك يقول صاحب كتاب الإسلام وسياسة الخلفاء:(أن للإسلام سياستين: واحدة استعمارية تتعلق بالمستعمرة، وأخرى عالمية تتبعه وتلاحقه في مشارق الأرض ومغاربها). وهما يلتقيان في ناحية واحدة وهي إبعاد الأخطار ما أمكن؛ تلك