يستعن الفتى بخبراء، ولم ينتظر قرار هيئة مستشارين، بل أسرع في كتابة العريضة ورفعها إلى (الاثنين) يقول إنه أحبها، وأحبته، وهو رقيق الحال معتز بكرامته، وهي ربيبة نعمة وجاه (وأعتدي المال على الفقر مرة واثنتين وثلاثاً، وثارت الكرامة وتطلبت الاعتذار. . . ولكن الفتاة لم تعتذر، لأنها لم تتعود الاعتذار. وإنه لفي حيرة لا يدري أيكون أكثر شقاء بالصفح والغفران، أم بالقطيعة والهجران. . .)
وتلفتت (الاثنين) _أو الاثنان_حولها، تبحث عمن ينظر القضية. ومن لها غير الأدباء؟ أليسوا أساة القلوب وقضاة الغرام؟ ومتى تلجأ إليهم إن لم يكن هذا وقتهم! وفيم تحكمهم أن لم يحكموا في هذا الأمر الجلل؟ أفي كهربة خزان أسوان ولا يتصل لمثل هذا بهم شغل؟ أم في مسائل تتصل بأدبهم ولكنها تشق على الأذهان الناعمة. . .؟
واصدر الأدباء، فلان وفلان وفلان، حكمهم، فمنهم من رأى أن كل شيء يهون إلا الشرف، ومنهم من قال: لغة الحب الضنى! ومنهم من أنشد: (ليس لمخضوب البنان يمين)
وهكذا عولجت المشكلة وانتهت القضية واستتب الأمن في عالم الغرام!
ولكن هل ينبغي أن تقصر العناية على هذه المشكلة (الحيوية)؟ وهل يصح إلا يدعي الأدباء إلى غير ذلك مما يهم الناس. . .؟
باسم أدباء العرب:
من الأنباء الأخيرة أن أحد أعضاء المؤتمر الدولي لنادي القلم المجتمع في زيورخ، اقترح اتخاذ قرار بالثناء على الشعب اليهودي والأنحاء باللائمة على خصوم الصهيونية والرغبة في معاملة الوطن القومي لليهود على قدم المساواة مع سائر دول العالم، فقابلت كثرة المؤتمر هذا الاقتراح بالتصفيق.
غير أن الأستاذ كميل أبو صوان مندوب لبنان (وهي الدولة العربية الوحيدة الممثلة في المؤتمر) قد احتج على هذا الاقتراح باسم الأدباء العرب، مما أدى إلى نقاش عنيف بين أعضاء المؤتمر انتهى برفض الاقتراح لأن قانون المؤتمر يحرم التعرض لأية مسألة سياسية
وهذا - ودون شك - عمل رائع من الأستاذ كميل أبو صوان، ومما يزيد روعته أنه أدى إلى رفض الاقتراح الذي أريد به تأييد الصهيونية.