يحملون مشاعلهم، فلعل الصواب أن تنسل الآن من الطريق المعاكسة إلى (كنت) حيث تأخذ القطار الذاهب إلى لندن فهذا خير لك وأبقى. وإن القطار ليبرح موضعه في الساعة العاشرة من هذا المساء. . .
قال: إن هذا الذي ترينه مصيب ولكني لا أملك من أجر السفر قرشاً
فلم تقل له شيئاً بل دلفت إلى أحد أدراج خزانة المطبخ وأخرجت له منه شيئاً من المال وقالت هذه سبعة دراهم تعينك على بلوغ لندن وتمنع عنك الطوى قليلاً، فاحتار الفتى كيف يشكرها ولكنها قالت لا تشكرني فإنني إنما أفعل ذلك من أجل (توم) وهذا يكفي إذ أنه كان يحبوك بعطفه دائماً، وإنني لأرجو الله مخلصة أن لا تذوق من بعدها محناً أخرى. بل إنني شاعرة ببرد الطمأنينة لأنني أدري أنه لم يكن أحد ليعلم بأنك قد مررت بهذا الكوخ وهو بعينه السبب الذي يحدوني أن أستحثك على الخروج من هنا قبل أن يعود (توم)، وإنني لأخشى أن يصحبه أحد أصحابه فينشأ لك طارئ من المحنةأنت عنه في غنى. . . ثم إني أريد أن أتعلم أنني لم اكن لأشجع نفسي على مخالفة ضميري في عصيان القانون في إيوائك لأنني أعلم بأن مقاتلة الحرس والدفاع عن النفس دونهم لا تشبه قتل إنسان بريء لا شأن له، وعلى كل حال فإني اريد أن أنصرف عن هذا الموضوع وأضرب عنه صفحاً.
وقامت تفتح له باب الكوخ ليخرج، ولكنها ما كادت تفعل حتى بدأت أصوات الأقدام تسمع بوضوح في نقطة قريبة.
قالت السيدة أيدس: لعل هذا توم؛ ولكن لا فإن أصوات الأقدام تؤكد بإن العدد أكثر من واحد فخير لك أن تعود إلى زاويتك فإني أسمع كلاماً. اربض هناك حتى يمروا هذه المرة أيضاً
ذهب (بيتر) إلى حيث كان قابعاً بين الاكياس، وتدانت الأصوات رويداً رويداً فتصور لحظة أنها ستمر كما حصل في المرة الماضية ولكنها تلبثت قليلاً لتتجاوز القطعة المعشوشبة من خارج الباب، وبعد لحظة سمع الباب يقرع. . إذن هذا توم بعينه.
أرتعد بيتر من الخجل والقلق، وألصق عينه بخصاص الباب وحدج المطبخ فألفى السيدة أيدس تدلف نحو باب الكوخ وما كادت تفتحها حتى دخل رجل إلى الداخل وسد الباب من ورائه فعرفه بيتر، أنه (فدلر) أحد الحراس الأربعة، فجمد بيتر وتصلبت ساقاه فقد عرفوا مأواه وتأثروه وافتضح أمره فليس هناك من جدوى في استخفائه أبداً. على أنه لم يعد