مستخفياً بعد الذي كان فما باله لم يختر مكاناً أحسن من هذا وأضمن لإفلاته؟ وما باله لم يدفع عن نفسه خيراً من هذا لدفع، وهنا وهنت ساقاه عن حمله فجلس على الأكياس إعياء وغماً. . .
وكانت سحنة الرجل في المطبخ تدل على أنه يعالج أمراً صعباً ويلوك كلمة جليلة على النفس المسكينة التي تواجهه فوقف صامتاً يطوي بيدين عصبيتين قبعته.
قالت له: ماذا جرى؟
قال: أريد أن أحادثك ياسيدتي
فأرهف بيتر أذنيه وتمنى أن لو استطاع أن يسكت قلبه ليتم له السماع، ولكن مخاوفه وهنت عندما تصور أن السيدة لن تفضح أمره ما دام قد استشفع لها بابنها (توم) قال: لقد حملت إليك أنباء سيئة، فانحرفت، وقالت ماذا تعني وأخذت سمتها نحو الباب فتشبث بها الرجل وقال لا تفعلي يا سيدتي حتى أبسط لك الأمر. . .
قالت له أيدس أسرع أيها الرجل فيما تقول ودفعته جانباً، ولكنه أخذ يتكلم متلعثماً مسرعاً ويقول: حدث في أطراف الغابة نزاع، وذلك أن رجلاً من السراق كان يريد أن يصطاد بعض الأرانب، وكان (توم) مع الحراس، وهنا كان الظلام حالكاً فأطلق السارق بندقيته ولاذ بالفرار.
وأودى التعب بالمتكلم فاستأنى قليلاً. . أما بيتر فإنه استحال إلى إنسان من الخشب في الزاوية التي وقف فيها، وقبل أن تقول السيدة كلمة خرج الرجل وأشار لجماعته فدخلوا يحملون جثة ووضعوها في وسط المطبخ.
قالت أيدس: أهو ميت، وعلمت وقد تبعثر الدمع من عينيها أن نعم. أما بيتر فقد عز عليه الدمع بل إستيأس وقنط ورأى أن قد حصحص الحق ولا سبيل إلى الهرب. . .
ورأى بيتر أن الحياة جميلة في تلك اللحظة ولا سيما إذ تكون من مقوماتها فتاته التي يحبها، ولكن حياته لم تعد بعد اليوم ملكاً له بل هي ملك للسيدة أيدس تفعل بها ما تريد. . .
كانت السيدة أيدس تجلس على الكرسي المجدول من السعف قرب الموقد وقد أعانها أحد الرجال على الجلوس وتقدم الثاني يصب لها من قارورة صغيرة نوعاً من الشراب لعله ينعشها قليلاً.