والمراتب، وعزف عن الأموال، وآثر أن يبقى كما كان مجاهداً حقاً، لا يلقي سلاحه، ولا يغمد سيفه، حتى لا يبقى في الوطن الأكبر شبر واحد يحتله مستعمر - وكذلك تكون الرجال.
هذان هما القائدان البطلان، فتقدما يا أيها البطلان القائدان فهذا هو الجند معداً، وهذا هو الجيش لا ينقصه إلا القائد. . .
هذا الشعب كله جيش معد، ولا يمل الجهاد، ولا يضن بالضحايا، ولا يعرف الونى، ولا يدركه الكلال، فادعواه باسم الوطن، باسم الأرض، باسم العرض، باسم الدين، وانظرا كيف يلبي هذا الشعب الدعاء. . .
هذا الشعب لا أعني (كباره. . .) الذين فتنتهم المناصب، ولا تجاره الذين تعبدتهم المكاسب، ولا فساقه الذين عاشوا لتقليد الأجانب في البلايا والمصائب، وكانوا في جسم أمتهم حيات وعقارب، ولكن أعني الشباب. . .
إن الشباب هم أرباب المثل العليا، هم الأطهار، هم بناة الوطن هم الذين إذا جد الجد سدوا آذانهم عن أصوات المفرقين الهدامين فلم يكن فيهم من حزبيين، يتقاتلون ليخسر الوطن ويربح الزعماء ولكن عرباً مجاهدين، كارهين للاستعمار والمستعمرين، ثائرين على الظلم والظالمين. . .
أولئك الشباب الذين تعلموا منكما أيها البطلان كيف يتخذون قضية فلسطين والمغرب عقيدة ويجعلونها لهم ديناً، لا يرون لمن يقر الاستعمار في بلاده وهو يقدر على دفعه إيماناً، ولو صلى وصام وحج وزكى، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
لقد أقسم هؤلاء الشباب ليبذلن الدماء والمهج، وقاموا للنضال، ولكنهم افتقدا القائد فقعدوا. فتقدما للقيادة يا أيها البدلان يا بطل المشرق ويا بطل المغرب.
وأعلما أنكما حاربتما عدواً قوياً، بأمة كانت غافلة، وقد ضعف اليوم العدو، وتيقظ الغافلون، فحاربا مرةً ثانية وثالثة وتاسعة وعاشرة، حاربا إذا لم تعطيا الحق كاملاً فما في الدنيا شريف يزدري الحرب في سبيل الحق والحرية والشرف، وقد حارب الفرنسيون لما وطئت بلادهم، وإن كانوا في الحرب نعاما تحسن الفر لا أسوداً تجيد السكر، وحارب الإنكليز، وحارب الأمريكيون، وحاربت قبائل البوير، وحارب أهل الحبشة، وحارب هنود أميركا