اتحادية تخضع أراضي السوفييت كلها لسلطة موسكو المباشرة.
وكان أن واجه الشيوعيون مشكلة حكم إمبراطورية استعمارية تحت نظام جمهوري اشتراكي وخطوا في السنوات الماضية خطوات جبارة في طريق استغلال واستثمار أراضي البلاد الإسلامية باسم جديد وأنظمة جديدة، وفرنسا من ناحيتها تحكم ملايين من الشعوب الملونة والأمم الإسلامية وتحاول أن تحتفظ بسيادة الجمهورية المركزية على أقاليم شاسعة: فهما تلتقيان في معالجة مشاكل متشابهة تلتقي عند هدف واحد هو المحافظة على وحدة إمبراطورية استعمارية بأي ثمن.
وإذا سرنا في المقارنة من الناحية الداخلية نجد أن فرنسا تحكم بلاداً لها شخصية أو شبه سيادة مثل مراكش وتونس وبعض أقاليم الهند الصينية، ولديها بقاع يحكمها أمراء وسلاطين بإفريقيا، أما الاتحاد السوفيتي فبعد أن حطم ممالك بخارى وخوارزم وحكم الإقطاعيين الذي عاشوا تحت ظلال القيصرية، عاد فأنشأ جمهوريات ذات سيادة إسمية في أذربيجان وتركستان وأزبكستان وتاجيكستان والقرغيز، وأعطى لأقاليم أخرى نظام الحكم الذاتي مثل الداغستان وبشكيريا وغيرها.
وهذه الأقاليم التي عددناها إسلامية وأهلها مسلمون ومعظم أقاليم الإمبراطورية الفرنسية أو أهمها من بلاد الإسلام ويسكنها المسلمون، ولذلك يحلو لرجال فرنسا أو يقولوا عن بلادهم إنها دولة إسلامية كبرى، والسوفييت وإن كانوا لا يفرون بالأديان، فأنهم مع ذلك على اتفاق مع الاستعمار الفرنسي في مواجهة المسألة الإسلامية باعتبارها معضلة تتطلب الحل ولها مشاكلها ومتاعبها ومضاعفاتها ولذلك تحتاج إلى دراسة وبحث، ولهذه سياسة خاصة بها: أي أن للإسلام سياسة مرسومة في كل من روسيا وفرنسا ترمي كل منهما إلى أهداف مختلفة ولكنهما تلتقيان في نهاية واحدة.
وكلاهما يسر على منهج الإدماج ونقصد به صهر القوميات في كتلة واحدة، ولكن الاتحاد يسير على نمط خاص به، فهو يفرض اللغة الروسية مع الفكرة الاشتراكية والفلسفة الماركسية ويقدهما في قالب واحد، وسار في هذا أشواطاً حتى في الجمهوريات المسيحية، لأن حكومة الاتحاد قررت تشتيت مجلس السوفييت المحلي في بلاد الكرج (جورجيا) لأنه عارض سياسة الاتحاد وقرر التمسك باللغة القومية وجعل لها المقام الأول في التعليم