وأن تأتي بقبض أو ببسط ... لنفس الشاهدين على السواء
إلى آخر ذلك الشعر الذي هو أشبه بشعر المتون.
الثقافة المصرية والعنصر المصري:
وجاء من لندن أن الأستاذ أحمد خاكي وكيل مكتب البعثات أيضاً ألقى محاضرة في فرع لندن للجمعية الإمبراطورية الملكية تحدث فيها عن المظهر المزدوج للثقافة المصرية: فقال (إن الثقافة المصرية مزيج من ثقافات متعددة مشتقة من مدنيات كثيرة نهضت في مصر، ثم اندثرت بعد أن تركت آثارها في العادات والتقاليد والفكر والفن، وقد تمخضت هذه الثقافة عن نوع من الثقافة اكتسب الروح المصرية برمتها. .!!).
ثم تحدث الأستاذ المحاضر عن المصري المعاصر فقال:(إنه سليل عنصر متغلغل في عصور ما قبل التاريخ، ولم تستطع العناصر المتعددة التي احتلت مصر أن تنقضي على شيء من مظاهره ولا أن تستأصل حبه لوطنه وكراهيته للغزاة والفاتحين لبلاده!).
قالت الوكالة البرقية التي عينت بإذاعة هذا الكلام، (وقد قوبلت بالضحك ملاحظة أبداها المحاضر وهي أن المصريين استطاعوا أن يمتصوا جميع الأجناس التي جاءت إلى بلادهم ما عدا البريطانيين. . .!).
وليس من شك في أن الثقافة المصرية مزيج من ثقافات متعددة كما قال الأستاذ خاكي، وهذه حقيقة أصبحت تصدق على جميع الثقافات في جميع الأمم، فالثقافة الإنجليزية، والثقافة الفرنسية، والثقافة الإيطالية، وجميع الثقافات في مختلف الأمم كلها أمشاج مختلطة. وعندي أن امتزاج الثقافات لا يتحقق بالغزو والفتح فحسب، بل هو يتحقق أكثر بالرغبة في المعرفة واللهفة على تحصيل العلم، وبالاختلاط لتبادل المنفعة، ولولا خوف الإطالة لذكرت عشرات الأمثلة التي تؤيد هذا، على أن هذا ليس موضوع النظر، بل إني أقصد إلى الكشف عن الحقيقة فيما يعنيه الأستاذ خاكي بقوله:(وقد تمخضت هذه الثقافات عن نوع من الثقافة اكتسبت الروح المصرية برمتها) فماذا يريد بالروح المصرية؟ إذا كان يريد الروح الفرعونية وهو ما يدل عليه كلامه فإن الأمر ليس كذلك، وليس يستطيع باحث أن يدلل على مظهر هذه الروح في ثقافتنا الحاضرة، والحقيقية أن الشعب المصري القوي بروحه قد امتص الشعب العربي الفاتح، ولقد زادت مادة هذا الامتصاص عن طاقته حتى