يأخذوا زينتهم يأتسون بالنبي فيما كان يصنع. أرأيت!! بل أني لك أن تكون رأيت أحداً من مثله؟!
وقال صديقي متحدثا عن هذا الصهر التقي كذلك: وقد أحببت - يا أخي - أن احتاط للأمر فحدثته أنني رجل كثير الخصوم، وأن كنت لا اعرف معظمهم!! فهم يخاصمونني لوجه الشيطان! وينتقصونني بما يفثأ سخيمة نفوسهم المضطرمة حسدا وغلا. . فقال الرجل النبيل: وهذا مما يزيد قدرك في نفوسنا! فذو العلم والفضل محسود من صغار النفوس، يتلمسون له العيوب ليجذبوه إلى حضيضهم الذي تردوا إليه، ورضاء الناس غاية لا تدرك. . .
فقلت - منشرحا لما أصاب صديقي من نعمة الاستقرار - إذن بوسعي أن أقول مع الشاعر:
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى ... كما قرَّ عيناً بالإياب المسافر
قال أجل. بوسعك بوسعك! وأنني منصرف إلى أهلي أزف إليهم البشرى. .
وانقضت أيام بعد ذلك. ثم لقيت هذا الصديق (مصادفة) في ندى، فإذا هو قد غاض من وجهه ذلك البشر، وإذا هو ساهم مطرق حائر. فقلت له: ويحك ماذا ألم بك؟ ألم تعثر على ضالتك المنشودة؟ فماذا ترتقب بعد ذلك!! قال لا ارتقب شيئا، فقد أضللتها ثانية، ولن أنشدها (من هذا السبيل) بعد اليوم!! قلب وكيف؟ لعلك انتهيت إلى غاية غير التي توخيت؟! قال اجل انتهيت إلى شر غاية! وأن كنت تعدني بأن لا تجادلني بسبب ما صرت إليه فيما أحدثك به حدثتك. قلت أعدك! قال: فاعلم إذن أن الرجل قد نكث العهد وخاس بالوعد!! قلت: التقي النقي (بقية السلف الصالح) كما قلت؟! قال: إياه عنيت وكأن هذا بعد أن أذعت الخبر في أهلي، ولقيت العنت في ارضائهم، ورد ما يعترضون به على!! واعلم أنني من جراء ذلك تنازلت عن يقين طالما حرصت عليه اشد الحرص، وهو الإنكار على (أبي العلاء المعري) مدلول بيت من أبياته، وأنا - بعد اليوم - ممن يرون رأيه. فلا عجب أن سمعتني اردد بلسان الإيمان قائلا ما يقوله عن يقين وتجربة، (وحسبك بالمجرب من عليم!!. . .).
وهنا ألفيت مدخلا عليه، فإذا أنا اطمئن في جلستي، استعدادا لجال طويل، وذلك على نحو