لها دعتها إليها كي تقضي خمسة عشر يوما في (فلورنسا) و (روما) ولقد سمى لي في رسالته اسم هذه (الابنة العم) بلهجة الامتنان والشكران على ما قدمته لامرأته الحبيبة من متعة وسرور. لم تكن عائلة صديق (روتيه) معدودة من العوائل الواسعة الثراء؛ فهو نفسه كان في مفتتح مهنة المحاماة التي بدا يلمع فيها نجمه ويعلو. أما ابنه العم فهي على العكس من ذلك: كان إيرادها في السنة مائة ألف فرنك. ولقد كنت اعلم كل هذا التفاصيل باعتباري كنت شاهدا لزواج صديقي (شارل روتيه) واذكر يومئذ أني سرت وابنة العم هذه في مركب القرآن وقد عقدت ذراعي بذراعها. دخل المحبان بهو الفندق منذ زمن، حيث أخذا هناك لا شك يتناولان الغداء على انفراد في جو من الإيناس المسكر الخطر، الذي خطره وحده يخلق اللذة والمتعة في العلاقات المستورة أما أنا فكنت ما أزال في البستان جالسا إلى المنضدة الصغيرة محدقا في دفتري المفتوح، غارقا في لجج التفكير. وبعد أن ثبت لدي انهيار بناء تلك العائلة، سأشعر بمض الألم أكثر من شعوري بعاطفة السخرية. ولكن أليس من السخر ما هو الألم مجسما؟ إن التناقض الظاهر بين حضوري مراسيم حفلة الزواج تلك، وهذا الموعد الغرامي أفعم قلبي منذ ذلك الحين مرارة غريبة أليمة. أضف إلى هذا أن (روتيه) كان عندي صديقا عزيزا. وهو يعبد امرأته التي تزوجته بالرغم من إرادة والديها. كما أني كنت اعرف تمام المعرفة أن شارل كان يرهق نفسه في العمل كل الإرهاق مناجل ترفيهها وتدليلها وأنه وهو العقيم الذي لم يرزق ولدا كان توأما إلى النسل. وأظنك لو جمعت كل هذه الأسباب جملة قدرت الاضطراب النفسي الذي أوقعني فيه ذلك الاكتشاف المفاجئ: اكتشاف المرأة المعبودة المقدسة تخون زوجها هذه الخيانة النكراء. ترى كم مضى من الزمن على هذه المغامرات؟ ثم أين التقت بهذا الفتى الذي لا اذكر أني شاهدته أو صادفته عندهم؟ وأخيراً ما هو الدور الذي تلعبه (ابنة العم) في هذه المأساة؟ أترى (مارغريت) متواطئة معها، أم أن الزوجة الخائنة استطاعت أن تجد الوسيلة لخداع ابنة العم، كما خادعت زوجها؟ وهل تكون هذه الملاقاة هي الأولى التي بات العاشقان فيها الواحد للآخر؟ من يدري لعل هذا الولد الذي يهفو صديقي إلى إيجاده مدفوعا بغريزة الأبوة النبيلة، أن يتولد ويتخلق هنا في هذا المنزل الذي أرى من خلال أغصان أشجاره، واجهته المضيئة بالنقوش والمثقبة بالنوافذ والشبابيك؟! ثم أي نافذة من تلك النوافذ هي التي تتفتح