للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الغرفة التي يأوي إليها الزوجان غير الشرعيين؟! كل هذه الأسئلة كانت تخطر على ذهني دفعة واحدة، ثم تتجمع كلها حول هذا السؤال الأخير، عجبا ما هو واجبي أنا؟. . . هناك حكمة هندية تعلمها جيدا كما اعلمها تقول: لا ينبغي أن تضرب امرأة حتى بزهرة، إن فكرة الشرف والفروسية التي أنغرست في أعماقنا منذ عصور بعيدة كانت من التمكن (والتسلط) على بحيث أخذت اردد في نفسي: إن واجبي هو التزامي حدود الصمت والكتمان. . . السكوت؟ الكتمان؟. . . ورحت أتخيل (شارل روتيه) كما اعتدت رؤيته غالبا منذ زواجه مكباً على أضابير (زبائنه) يستقبلني في غرفة أعماله بهذه الكلمات أو ما يماثلها: ليس لدى من الوقت ما يمكنني من مصافحتك أني لأغص بالأشغال وأرهق بالدعاوى. ومصالحي وأعمالي تزيد وتطرد يوما فيوما. وثروتي الصغيرة تنمو معها أيضا ومع ذلك لا شئ يعجز الإنسان حين يكون له شخص حبيب إليه. كنت أتمثل وجهه وكأنه قناع جمدته المشاغل وحضرته المتاعب، تضئ من خلاله ابتسامة سعيدة راضية.

يا للجمود أفي الوقت الذي ينصب صديقي جسمه ويقتل نفسه بالانكباب على العمل المرهق ليؤمن لامرأته أسباب ترفها وبذخها تسلم هذه الأخيرة زمام فؤادها وعواطفها إلى شخص آخر؟ إنها لتنفق على تجملها وتزينها مالا بعرف جبين زوجها. وكل ذلك كي تعجب رجلاً غيره وا أسفاه! وأنا نفسي، هل يجمل بي أن أسمح باستغلال أتعاب صديقي النزيهة الشريفة على هذه الصورة المخزية، من قبل هذا السارقة الخبيثة بعد أن سمعت ما سمعت ورأيت ما رأيت؟ أأصمت فلا أنطق؟ ولكن ذلك اشتراك في الإثم!! ومرت على الذاكرة عهود صداقتي الطويلة المدى مع شارل: فتمثلته في سن العاشرة، بقميصه المدرسي المشابه لقميصي، وتمثلت ملاهينا وألعابناً آنذاك. ثم تخيلته في الخامسة عشرة وأنا معه في سفرة قصيرة لعطلة قضيتها عند أهله في الريف. لقد كنا طالين داخليين بمدرسة (لويس كراند) ترى أكنا سعداء ذلك الصيف بانصرافنا عن مرج المدرسة البارد الضيف إلى سهل (لوار) الأخضر الممرع؟ ثم تصورت صديقي في العشرين من عمره يمارس معي خدمته العسكرية، وكيف كانت بعد ذلك حياتنا في الحي (اللاتيني) ونحن نتابع دراستنا معا في كليه الحقوق كل هذه الصحبة الطويلة التي استمرت ما بيننا أربعين سنة، والتي هي بالاخوة أشبه، ثارت بي وتمردت على هذا الاشتراك في الجرم. وفي الحق أن صمتي لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>