عنهم إلا الرغبة في إعلاء كلمة الله، وإحقاق الحق وإذاعة الخير، فلما بلوتهم في هذه الأيام العشرة وجدت أكثر الجمعيات يسيرها رجل أو رجال، يستبدون بها، ويسمون لها أعضاءها ممن يعرفونهم موافقين لهم، ووجدت في هؤلاء، على إخلاص بعضهم وأمانتهم. . .
أأقول ماذا وجدت، فأضع في أيدي خصوم الإسلام سلاحا جديدا يقاتلون به أهله؟ أم اسكت عن بيان الحق؟
المسألة مشكلة. .
وأنا أسال الله أن يعجل اليوم الذي نجد فيه رجال هذه الجمعيات قد نسوا نفوسهم وأهواءهم فجعلوها كلها جمعية واحدة، لها فروع وأقسام إذ لا يعقل أن تتعدد الجمعيات ما دامت تزعم أن غايتها واحدة هي خدمة الحق والخير، وان يكون القائمون على هذه الجمعية أمناء يعلمون أن لكل مسلم حقا في أموالها يحاسبهم يوم القيامة على كل قرش منه أنفقوا في غير وجهه، وعلى كل مقعد للجمعية قعدوا عليه لغير مصالحها، ودار لها أقاموا فيها ساعة لغير خدمتها وسيارة لها ركبوها من غير ضرورة لركوبها وراتب أخذوه لأنفسهم أو أعطوه موظفا أقاموه، ما دامت المصالح العامة تسير بغير هذا الموظف وتضمن بغير هذا الراتب.
فهل نرى هذا اليوم؟
إذا لم أره، فحسبي إني قد رأيت حقيقة هذه الجمعيات وكنت لا أرى من قبل إلا الستار اللماع الذي يخفيها.
- ٤ -
وكنت اقرأ مهاترات الصحف الحزبية في مصر والشام وما تسوق من تهم، وما تصب من فرى، فأرى المبالغة ظاهرة، ولكني أقول انه لا دخان من غير نار. ما كنت أظن أن القحة في الشر تبلغ برجل أن يفتري كذبا يعلم انه لن يصدقه أحد، ولا يقبله عدو فضلا عن صديق، واحسن الظن بالبشر، فاحسب انه لا يزال في نفوسهم بقية من الوفاء والحياء، فهم يقدرون الإخاء ويستحبون من اختراع الكذب المحض، فلما قرأت ما كتب في الصحف عني وعن غيري وجدتني قد وضعت ظني الحسن في غير موضعه وأنا رجل في نقائص كثيرة، وعيوب جمة ويستطيع من يكتب عني أن يعرض لها فيكون قد نال مني وبلغ ما أراد من هجائي أما أن تبلغ بكاتب قلة الفهم، والجهالة بأصول الشم إلى أن ينسى عيوبي