كلها ثم لا يلقى إلا أشياء أنا ابعد الناس عنها يلصقها بي فيضحك الناس عليه، فهذا يدعو إلى الأسف على ضياع (الهجاء) في هذه الأيام.
لم تجد هذه الصحف ما تقوله عني إلا أن تعرض تعريضا غامضا بسيرتي في العراق وتقول إني أسأت بقلمي لوطني لأني انتقدت في الرسالة ما كان في احتفال الجلاء من تكشف وبلاء، وتنقل عن مجلة تصدر في دير الزور إني كنت من صنائع الفرنسيين.
أما سيرتي في العراق فان هؤلاء يعلمون أن الرسالة تقرا في العراق أكثر من جرائدهم، وأنا استحلف في الرسالة كل من يعلم عني مخزية في العراق أن ينشرها في الصحف أو يبعث بها إلى هؤلاء الخصوم وماذا صنعت في العراق ويحكم؟ هل فجرت؟ هل سرقت؟ هل كنت جاهلا في العلم الذي ادرسه أو مهملا في العمل الذي أمارسه؟ وهل كان في كل من قدم العراق مدرسا من هو احفظ لوده وأكثر (بعد الدكتور زكي مبارك) كتابة عنه مني؟
أما صلتي بالفرنسيين فمن كان يعلم إني عرفت فرنسيا من كان معلما أو مستشارا في الوزارة فليقل ومن كان يعلم أنها خلت سنة مدرسية من نقلي مرتين لخلافي مت الوزارة - وكانت الوزارة هي المستشار أو يعلم إني مدحت فرنسيا بلسان أو قلم أو أعنته بيد أو يعرف رجلا كتب في سب فرنسا مثل الذي كتبت، حتى يوم سقطت باريز وكانت الحرب مستمرة، والفرنسيون حاكمين؛ فليقل أما إني أسأت لوطني في الرسالة فهذا هذيان لا يقبل من محموم. وهل جرى قلم كاتب في القديم والحديث بوصف محاسن الشام، وتمجيد أيامها، وتصوير جهادها، بمثل ما جرى به قلمي في الرسالة منذ سنة ١٩٣٣ إلى اليوم، وفي فتى العرب واليوم، وألف باء، والزهراء، قبل أن تنشا الرسالة، وهذا كلام ما كنت أظن إني سأقوله يوما من الأيام، ولكني اضطررت إليه وأنا اعتذر إلى القراء واستغفر الله، ولن أعود إلى مثله.
- ٥ -
وبعد فأنا رجل قاض وأديب، ولكني لم اكن اعرف قبل هذه الأيام قيمة ما أنا فيه، ولقد حمدت الله أن انتهت هذه الأزمة وعدت قاضيا أقول الحق أياً كان أثره، وأديباً يشرك قراءه في نعيمه وبؤسه، وخواطر نفسه، وحديث يومه وأمسه لا يكتم عنهم امرا، ولا يمسك سرا ونجوت من السياسة وشرورها.