للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد بدلوا ديانتهم فاعتنق قسم كبير منهم الديانة اليهودية ثم اعتقوا بعد ذلك الديانة المسيحية وتثقفوا بالثقافة الآرامية الني تغلبت على اليهودية أيضاً. ولما تحررت فلسطين من ربقة البيزنطيين وعادت إلى أصحابها الشرعيين كان أكثر هؤلاء قد تثقفوا بالثقافة العربية الآرامية فحاربوا في صفوف المسلمين ضد أبناء دينهم البيزنطيين ثم اعتنق أكثرهم الديانة الإسلامية وتكلموا باللغة العربية. وأما الذين فضلوا البقاء على ديانتهم وهي المسيحية فانهم تكلموا باللغة العربية التي تكلموها قبل الإسلام ولا زالوا يتكلمون بها حتى اليوم وقد شاركوا إخوانهم في تقدم بلادهم وفي تقدم الخلافة الإسلامية ولم يكن الدين ليميز بين الطرفين. ولما وقعت الحروب الصليبية اشترك هؤلاء مع إخوانهم المسلمين في مقاومة الغزاة وابلوا في ذلك بلاء حسنا ولا يزالوا يحاربون من اجل فلسطين.

ويمكن ملاحظة الخواص والمزايا الجسمية واللغوية والصور الكنعانية العمورية حتى الآن بين السكان الفلسطينيين الأصليين وهم القرويون والفلاحون الذين يمثلون اقدم شعوب فلسطين والذين لم تذهب عنهم ميزاتهم التي ورثوها عن ألوف من السنين وقبل مجيء المهاجرين من اليهود بكثير. والذين لم تتمكن السنون من تغييرهم على الرغم من الحوادث الدامية الطويلة التي جرت على هذه البلاد.

وبالنظر إلى اتصال فلسطين بمصر اتصالا طبيعيا أصبحت مقدراتها ومقدرات مصر مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا كليا. وهذا أمر هام يجب الالتفات إليه لان عدم الاهتمام به معناه تجاهل أمر طبيعي من الأمور المفروغ منها. وقد خضعت فلسطين قبل هذا العهد الذي نتحدث عنه إلى الأسر الفرعونية المختلفة. وقد دخلت في أيام (تحتمس الثالث) (حوالي سنة ١٥٠٠ قبل الميلاد) وفي أيام (امنهوتب) (انحوتب الثالث) حوالي سنة ١٤٥٠ قبل الميلاد في حكم المصريين تماما وأصبحت من المقاطعات الفرعونية يحكمها ملوك يخضعون لفرعون وللحكام الذين يعينهم عليهم.

وقد شغل الفرعون (امنحوتب الرابع) بالإصلاحات الدينية التي حاول إدخالها إلى الشعب المصري ومن جملة ذلك عقيدة التوحيد عن إدارة أملاك مصر والشؤون الداخلية المصرية فانتهز أعداؤه هذه الفرصة وثار الحكم في الداخل والخارج على (امنهوتب) لأنه جاء نظرهم ببدعة جديدة وأخذت الممتلكات المصرية في الخارج تستقل الواحدة بعد الأخرى

<<  <  ج:
ص:  >  >>