أول دار فيها. فوقفا على صخرة أشرفا منها على الدار، وطفقا ينظران.
رأيا الأبهاء قد حفلت بنساء يلبسن الثياب الكواشف من الحرير، ورجال يلبسون السراويل الضيقة من (الجوخ)، وهم يرقصون متخاصرين حيناً متباعدين حيناً، ينقلون الخطى على رنات العيدان، وسجحات المزامير، ورأت الرجال يأخذون بأطراف أنامل الفتيات وهم يحنون لهن رؤوسهم، ويبدون إعجابهم فتخيلت نفسها في هذا النعيم، وتصورت هؤلاء الرجال ذوي السراويل الأمريكية الضيقة ينحنون لها، وقابلت في أعماق سرها بينهم وبين هاني، ثم طردت هذا الخاطر، وأبعدته عن حسها وحسبت أنها تخلصت منه، لم تدر أن (السوسة) بدأت تنخر جذع السنديانة الضخم!
- قالت: هلم ندخل.
- قال: ومن أين ندخل يا ليلى؟
- قالت: أريد أن ندخل. أريد أن ندخل
وألحت إلحاح الولد المدلل، فأطاعها، وهل يخالف العاشق معشوقه؟ إنه لا يستحق اسم العاشق حتى يرى كل نزوة للمعشوق حكمة بالغة، وكل رغبة فرضاً لازباً، وكل نقيصة كمالاً ما بعده كمال.
وتسلق الجدار، وهبط بها، فلم تكد تستقر على أرض الحديقة، حتى أحس بها كلبان كأنهما ذئبان، فوثبا إليها فأنشبا فيها أنياباً من حديد، ولم يستطع هاني دفعهما عنها، وأسرع القوم إلى الصوت، فرأوا المشهد، رأوا فتاة ناضرة الصبا، نقية الثياب، وفتى قذراً، فحملوها مكرمين، وأمروا الخدم بالقبض على (اللص)، فأمسكوا به ونزلوا عليه ضرباً حتى هدوه. . .
ثم جاؤوا به إلى البهو، وكانت على كرسي والخادمات يعالجن جروح قدميها، فاقترب منها فسألها أن تعود معه، فاعتذرت بعجزها، وزجره القوم، فقام بينهم فاستنزل اللعنة عليهم، وأوعدهم أنه سيرجع فيهدم هذه الدار على رؤوسهم، وبصق على الأرض وذهب. وبقيت هي في الدار التي كانت تحن إليها.
لا، لا تلمها إن فكرت في الترف، ومدت عينيها إلى متع المال، وهي عند الصخرة. محراب الحب الأقدس، وجرت هذا البلاء على حبيبها، فإنه لابد للحبيبين من مشغلة فإن لم