عندما نهض الوزير الأديب الأستاذ إبراهيم دسوقي أباظة باشا بإنشاء هذه الجماعة العاملة ورعايتها - ولأول مرة فيما أعلم ينهض وزير قائم في الحكم برياسة جماعة أدبية - شاعت حولها الشائعات، وكثرت التخرصات والتقولات، وقالوا: وزير يستخدم مرافق الدولة ويستغل منشآتها لمنفعة جماعة هو رئيسها!
وقالوا: لقد انتفعت هذه الجماعة بسبل المواصلات يستعملها أفرادها بغير الجعل المقرر والأجر المرسوم!
وقالوا لقد أضفى الوزير على أفرادها الفراغ الشامل والتحلل الكامل من واجب (الوظيفة)، وآثرهم بالدرجات والعلاوات ينعمون بها ويرفلون في واسع رزقها! وقالوا انتفعت بالإذاعة تسير معها حيث تسير، وتمضي معها أنى تمضي!
وأنا أفترض أن كل ذلك قد وقع، بل قد وقع في صورة كريمة مسرفة، وأتساءل بعد ذلك: هل أدت الدولة ما للأدب عليها من حق؟ وهل قامت الدولة بما ينبغي أن تقوم به له من نصر ومعونة وتأييد! والجواب الذي لا جواب سواه عندي هو (لا). . . ذلك أن للأدب على الدولة حقاً أخطر من هذا كله، وأجل من ذلك كله. . . إن على الدولة أن تعين الأدباء بالمال تعفيهم به من تكاليف العيش وضرورات الحياة ليفرغوا للأدب وللفن. . . وإن على الدولة أن تريح الأدباء (الموظفين) من أعباء وظائفهم الثقيلة التي تقتطع أعمارهم وتقتل مواهبهم وتميت أرواحهم، أو على الأقل أن تجعلهم فيما ينبغي لهم من أعمال تتفق وميولهم وتمكنهم من الإنتاج الأدبي النافع، فلا يعيش الأستاذ مصطفى صادق الرافعي حياته في زاوية من زوايا محكمة طنطا! ولا يقضي الأستاذ محمود عماد عمره في ركن منزو من أركان وزارة الأوقاف!
وإن على الدولة أن تبتاع ما ينتج الأدباء من مؤلفات بأثمان طيبة كريمة وتنشرها على الناس غذاء لأرواحهم وعقولهم فترفع بذلك الذوق العام، وتربي ملكة تذوق الفن الرفيع بين أفراد الشعب، وتباعد بينهم وبين الأدب الرخيص المائع الذي يسري في نفوسهم سماً وميوعة وانحلالاً. .
وإن على الدولة أن تيسر للأدباء سبل الانتقال لا في أرجاء بلادهم فقط بل غي البلاد الأخرى وبخاصة البلاد العربية الشقيقة ليستزيدوا من أدبها ويتعرفوا إلى إخوانهم الأدباء