للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بفن بيدو) وغضب على المرسوم (٥٠) وطالب بتعديل قانون الانتخاب وتأهب للوثوب فيما إذا وجهت الانتخابات توجيهاً خاصاً فانتصر على طول الخط إذا اضطرت الحكومة بعد تبني الاتفاق المذكور إلى نبذه واللجوء إلى مجلس الأمن، كما أرغمت على سحب المرسوم (٥٠) وعدل مجلس النواب قانون الانتخاب فأصبح على درجة واحدة، وأخيراً جرت الانتخابات فإذا بها تخلو في الغالب من الضغط والتدخل، وإذا بنتائجها تدل على أن الشعب لم يكن طائعاً وادعاً. لم تكن هناك طاعة عمياء بل تمرد واع على كل باطل وقد بلغت البلاد بفضل ذلك درجة من التقدم في تطورها السياسي لم تبلغه كثير من الدول التي سبقتها إلى الاستقلال.

هذا ما قام به الشعب. أما رد الطعن على هذه الحكومة في مجالسنا الخاصة وفي مقاهينا فيتلاشى هذا الطعن كما يتلاشى دخان المقاهي في الفضاء) فهو من عمل الخاصة لا العامة - الخاصة التي لا تمثل حقيقة الشعب في خوفها على تعكير صفو حياتها، في تأنيها وبطئها، في أبراجها العاجية الرفيعة، في أهدافها المجهولة وغاياتها الحائرة، في تذمرها (النظري) وللها الأرستقراطي، في هروبها من الواقع وهجرها ميدان العمل، في أثرتها وشذوذها في تغرقها وتناقضها.

هل يرغب أستاذنا الفاضل في أن يثور أهل الشام وأن يغتالوا من أجل سواد عيون هذه الخاصة المترفعة؟ أفلا يرى الصلاح كل الصلاح - بعد الاستقلال - في ذلك التطور الطبيعي وذلك التدرج المحمود وتلك الحركات الشعبية السليمة التي أوجدت لنا مجلساً جديداً للنواب يمثل الأمة تمثيلاً هو أقرب ما يكون إلى الكمال؟ ألا يحوي هذا الوضع في طياته ضماناً كافياً للمستقبل الذي سنتخلص فيه من تلك الأخطاء في الحكم التي أشار إليها والتي لا ينكر وجودها - أو جلها - والتي لا تنفرد بلاد الشام فيها؟ وما الذي جنته مصر من اغتيالاتها غير فقد رجل مثل (أحمد ماهر) لا يعوض؟ وما الذي جناه العراق من ثوراته الداخلية غير الخسارة في الأموال والأرواح؟.

وتقولون أن في الشام نزعات (فهذا شيوعي وهذا نازي وهذا فاشستي وهذا فرنسي وهذا إنكليزي وهذا تركي وهذا سعودي وهذا هاشمي، كل واحد على قدر مصلحته وبحسب منفعته!) وهذا لا ينكر؛ ولكن الشكوى من هذه النزعات ليست منحصرة في حدود الشام بل

<<  <  ج:
ص:  >  >>