أبطالها من هم من رجال الدين والطرق والزعامة، وجندت من يتظاهر بالجهاد والوطنية، وأصبحت مع الزمن من أخطر المنظمات الاستعمارية وأشدها وطأة بما تملك من الوسائل والقوى الخفية مما يعجز الناس عن تصديقه
ولقد عشنا في كثير من بلدان الشرق ورأينا أمثال هذه المنظمات تعمل في هدم الكيان الإسلامي والاستقلالي، ورأينا أناساً يقودون المظاهرات الوطنية ويخطبون في الجماعات ويجاهرون بمبادئ متطرفة، ويكتبون عن أنظمة للحكم يسارية أو نازية ثم يكتشف بعد ومن طويل وبعد فوات الفرص، أنهم مقيدون كخدم لهذه المنظمات الخطرة يتلقون وحيها ويعملون بأوامرها، وقد وصل بعضهم إلى المال والمركز والجاه تحت ستار الضحية والعمل والإخلاص فطوبى لهم.
ولهذا يجدر بالأحزاب والمتصدرين للجهاد في سبيل المثل العليا أن يرقبوا الأنصار والأتباع قبل الخصوم والأعداء وأن يقوموا من بين وقت لآخر بغربلة صفوفهم وإجراء حركة تطهير لأن الدول الاستعمارية وطدت سلطانها بهذه المنظمات وبمن يتبعها من الرجال المنبئين في كل جهة والذين يشايعون الاستعمار وتلعنه ألسنتهم ويتظاهرون بالتطرف لإخفاء حقيقة أمرهم.
ولقد تمكن الأمير عبد القادر من إيجاد دولة عربية مستقلة عاهدت الفرنسيين على السلام واحتفظت بقواها كاملة بعد أن حققت ما ترمي إليه بانتصارها في ميدان القتال ولكن الدولة التي عاهدها كانت تفكر قبل أن توقع على المعاهدة في نقضها فما أن وقعت عليها حتى بدأت ترسل النجدات تتري وأخذت تثير القبائل عليه
ويقول الفرنسيون في ذلك (إننا لم نعقد مع أمراء المسلمين معاهدة وإنما عقدنا هدنة لكسب الوقت حتى يتم تحطيم الجبهة الشرقية ثم نعود إليهم في وهران).
هذا ما حدث فإن ضعفهم تحول فجأة من جبهة الأمير عبد القادر إلى جبهة قستنطينة على حدود تونس حين عبأت فرنسا قواتها بكاملها وزحفت على المدينة في هجمتين فشلت في الأولى فبراير ١٨٣٧ وكان ذلك قبل التوقيع على معاهدة تفنا مع الأمير ونجحت في الثانية بعد نقل حاميات الغرب فاقتحمت المدينة المحصنة في أكتوبر سنة ١٨٣٧.
ومن ذلك يتضح أن قواد فرنسا بعد أن أدركوا فداحة حرب الجزائر أخذوا ينسقون بين