رأينا مرة أنهم ألفوا (رابطة الفضوليين) ومرة أخرى كونوا (جماعة الثقلاء) واشترطوا للدخول في هذه وتلك كذا وكذا من الشروط التي تقطر، بل تنهمر، ظرفاً. . وهي تنطبق طبعاً على حضرات المؤسسين.
والناس يقرؤون هذا كله على أنه من نتاج أفكارالأدباء الظرفاء، وأنهم أبطاله، أي أنهم ظرفاء، وفضوليون وثقلاء. .
وآخر ما أسفر عنه ذلك الظرف (عيد ميلاد فقير الحرب) ومن يكون فقير الحرب عند فقراء الأدب غير (الأديب) المحلى بأل التي هي هنا لجنس الأدباء؟! ومن قول أحدهم في تكريمه (عيد ميلاد فقير الحرب هو عيد ميلاد الأدباء جميعاً) وعلى هذا المعنى دار المحتفلون حول أنفسهم. . . ثم نهض الفقير صاحب العيد - ممثلاً في أحد الأدباء الظرفاء - يعبر عن فقره ويتحسر على سوء حاله! وكان هذا سمر الأدباء في رمضان في (أحد مقاهي الحي اللاتيني القاهري) الذي استحق أن ينشر بإحدى المجلات في عدد خاص بالعيد. .
لا أنكر على أحد أن يمرح ويتفكه بما يريد، ولكن ما كل شيء ينشر، وهذا الذي رآه الناس منشوراً يلصق بالأدباء سمة التسكع ويومئ إليهم بشيء من الازدراء. ومن عجيب المفارقات أن أكثر هؤلاء الأدباء ليسوا من الفقراء، فمنهم الموظفون ذوو الدرجات العلى، ومنهم صاحب العمل الناجح، وفيهم ذو الفن المربح؛ وليس كل من فاته الثراء الطائل بفقير، وإذن فما (الأدب والفقر شقيقان) كما قال أحدهم. والفقراء المتسكعون حقيقة هم الأدعياء المتلصقون بالأدب.
على أن ذاك الذي يشغل به أولئك الأدباء أنفسهم ليس فيه قطرة من ماء الظرف، وإن كان به ماء آخر ينفع في هذا الصيف القائظ.
أول صندوق للبريد:
كتب الأستاذ حبيب جاماتي بمجلة المصور في (تاريخ ما أهمله التاريخ) يقول إن أول صندوق للبريد أنشأه المهدي الخليفة العباسي، وذلك أنه رغب في استماع شكايات رعاياه دون أن يكون بينه وبينهم وسيط، فكان يفتح أبواب قصره في أيام معينة من الأسبوع ليدخلها من يريد بلا استئذان، ليمثل بين يديه ويخاطبه في الأمر الذي يشكو منه. ولكنه