هجر الإنجيل من حب الصبا ... ورأى الدنيا متاعاً فركن
وكان لهذا القس غلاية في ظاهر الكوفة ذكرها محمد بن عبد الرحمن الثرواني، وطلب أن يكون ريحانه من قلاية هذا القس قال:
خليلي من قيس وتيم هديتما ... أضيفا بحث الكأس يومي إلى أمسي
وإن أنتما حييتماني تحية ... فلا تعدوا ريحان قلاية القس
وكانت هذه الأديار تقصد في الليل والنهار، ويقدم إليها أهل الطرب والمتعة من الأماكن البعيدة في السفن والسميريات أو على الخيول. وهناك يختلطون بالرهبان والراهبات، يشربون معهم ويتغزلون بهم، وربما صرعوا الراهبات بالخمر، فيبدلن الخفر التهتك، والحياء بكشف النحور والسيقان. ومثل هذا يقول جحظة البرمكي الذي لا يريد أن يبقى في حانة واحدة يقضي فيها لذته بل يريد أن ينتقل من البردان إلى أموانا ثم إلى دير العلث. وهو لا يكفيه دن من الخمور بل دنان. . ودنان. . قال:
أيها الحاذقان بالله جداً ... وأصلحا لي الشراع والسكانا
بلغاني - هديتما - البردانا ... وأنزلا لي من الدنان دنانا
وإذا ما أقمت شهراً تماماً ... فاقصدا بي إلى كروم أوانا
واحططا لي الشراع بالدير بالعلث ... لعلي أعاشر الرهبانا
وظباء يتلون سفراً من الإنـ ... جيل باكرن سحرة قربانا
لابسات من المسوح ثياباً ... جعل الله تحتها أغصانا
خفرات، حتى إذا دارت الكأ ... س كشفن والنحور والسيقانا
وقريب من هذا قول أبي نواس وقد خرج إلى دير نهرازان في بعض أعياده مع جماعة من عصابته، لكنه لم يصرع راهبة بل كان (يلهو) بظبي من ظباء الدير كان يدير عليهم الخمر - قال:
بدير نهرازان لي مجلس ... وملعب وسط بساتينه
رحت إليه ومعي فتية ... نزوره يوم شعانينه
بكل طلاب الهوى فاتك ... قد آثر الدنيا على دينه
وجيء بالدن على مرفع ... وخاتم العلج على طينه