إن هي كانت جادّة في السعي لرفع شأن الأدب والأدباء، فعليها أن تعين رقيقي الحال من الأدباء وتمدهم بما يمكنهم من طبع نتاجهم ونشره بين الناس، وعليها أن تحيي الكنوز الدارسة من كتب الأدب العربي القديم وتعنى بتصحيحها وتنقيحها وإخراجها في ثوب قشيب فذلك أجدى عليها وعلى الأدب من ألف مهرجان ومهرجان. وعليها أن تعمد إلى أمهات الكتب الأجنبية - وبخاصة القصص الرفيعة - فتترجمها إلى اللغة العربية فتزيدها ثروة وذخيرة. وعليها أن تسعى جاهدة لدى الحكومة لتقرِّر ما ينتجه كرام الأدباء في مكتباتها وفي مدارسها فينتفع الأدباء وينفعون، أما أن يكون كل عملها الطواف هنا وهناك وإلقاء كلمات مبتسرة ينشئها بعض أصحابها وهم في القطار ثم تجمع ذلك في كتاب تذيعه على الناس دليلاً على وجودها وسجلاً لمجهودها فذلك عمل ضحْل قليل الغناء. . . وكتاب (أدب العروبة) الذي نحن بصدد الحديث عنه كله - إلا القليل - من عمل أعضاء جامعة (أدباء العروبة) والمتأمل فيهم لا يجد بينهم واحداً من شيوخ الأدب وسندته القدامى، وكلهم لم يجاوز بعد مرحلة الشباب إلا الصديق الدكتور إبراهيم ناجي والصديق الأستاذ محمد مصطفى حمام فقد أوشكا أن يجاوزاها!
ويتألف الكتاب من الكلمات والقصائد التي ألقيت في سبعة مهرجانات أقامتها الجماعة في القاهرة وبعض المدن لمناسبات متفرقة أو للتنويه بشأنها والتذكير بوجودها، ويفتتح الأستاذ الرئيس كل مهرجان بكلمة منه مختصرة تشرح أغراض الجامعة وتنبه إلى رسالتها وأهدافها، وتمهد القول لمن يلونه من الخطباء والشعراء. . . ويجد القارئ في الكتاب للأستاذ الدكتور محمد وصفي نائب الرئيس سبع كلمات لكل مهرجان كلمة، وفي كلام الرجل لازمة خاصة يتميز بها، فهو يجنح جنوحاً قوياً شديداً تدفعه إليه طبيعته الخاصة حتى لا يملك عنه منصرفاً إلى الاستشهاد الدائم بالقرآن الكريم وبالحديث الشريف، وهذا حسن في ذاته ولكنه هو كل ما يصنع! فهو يعمد إلى الآيات الكريمة التي تتصل بسبب قوي أو ضعيف إلى المناسبة القائمة، ويجدّ في البحث والتنقيب عنها، ثم يشرح معانيها التي احتوت عليها جميعاً ويسوقها معنىً معنىً حتى إذا استوفاها جميعاً ذكر نص الآية حتى ليخيل للقارئ أنه أتى بالآية استشهاداً لما قدمً من المعاني ومطابقة له والحقيقة أنه اهتدى إلى الآيات أولاً وأعدها للقول وأخذ في تفسيرها مقدماً حتى إذا أنمَّه جاء بالنص!