ولو أننا أخرجنا من كلامه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ما بقي بعد ذلك شئ؟ فليس له وراء ذلك إنشاء أو ابتداع أو كتابة فهو إلى المفسرين أقرب من إلى الأدباء. .
وعجيب أن يقول الأستاذ طه عبد الباق سرور سكرتير الجماعة في الكتاب ثماني كلمات ليست بالقصيرة ثم إنك لا تكاد تجد بينها فرقاً يحس أو اختلافاً يشعر به، فالكلمات متشابهة متماثلة حتى لو أنك وضعت أي واحدة منها تحت أي عنوان منها ما أحسست نبواً ولا قلقاً ولا انحرافاً! وكلامه - في عمومه - كلام عام لا خاصة له وأكاد أقول لا معنى له، فهو يسوق الكلام يجر بعضه بعضاً دون حساب ولا تمهل ولا أناة فيقول فيما أسماه (فلسفة الربيع)(والربيع عصر المودة والسلام والإخاء إذا انطبعت روح الإنسان بتلك المعاني. وعهد حروب ودمار وخصومة وبغضاء إذا ثار في الإنسان جانب من جوانب الالتواء) فأي كلام هذا؟ وأي شئ فيه يجده القارئ؟ وما علاقته بفلسفة الربيع هذه؟؟ وهو يقول كذلك إن الإنسان (إن شاء أحال الوجود نعيماً وهناء وسلاماً وإن أراد كان الوجود جحيماً ورعداً وحرباً) وذلك كلام معاد قريب أين هو من الربيع وفلسفته؟ وهو يقول مخاطباً القمر معدداً محاسنه (قد تمنى اسمك بنات حواء) وذلك إلى كلام العامة أقرب، ويقول عنه إنه (يمين أقسم به الديّان) ونسي أن الديان أقسم أيضاً بالتين والزيتون؟ ولكنه السجع الذي يريد التزامه فتنبهر أنفاسه وتخرج سجعاته قلقة نابية غير مستقرة.
وكلمات الأستاذ ملأى بالأخطاء اللغوية التي كنا نود لو تنزّه عنها سكرتير جماعة أدبية نريد لها النهوض والسير الحثيث والتقدم المطرد، فهو يقول مقدماً الكتاب (هذا بعض تراثنا في عام) والتراث ليس نتاج الأحياء إنما هو ما خلف الأموات. ويقول عن الإنسان أن فيه معجزة كبرى (أودعها الله في روحه) والصواب أن يقول (أودعها الله روحه). ويقول عن مهرجان القمر إنه (مهرجان النور والضياء) والله يقول (وجعلنا الشمس ضياء والقمر نوراً). ويقول مخاطباً الغنسان (فانعمْ ولا تشقى) والصواب أن يقول (فانعم ولا تشق) بحذف الياء وليس هذا تطبيعاً لأن السجعة التي يليها (وسبّح بحمد ربك الأعلى) فيوقعه السجع في هذا الخطأ غير المقبول. ويقول في وحي الهجرة (غننا في مطلع عهد جديد وسعيد يهاجر فيه العالم الإسلامي للمرة الثانية إلى حياة الحرية والعزة والقوة ومن نذره وبوادره هذا المهرجان) والنذر - وهي لغة الإنذار والإبلاغ - لا تكون إلا في التخويف