ولم تكن هذه الأوقاف مرصدة للعلم وحده وإنما كانت لوجه الله، للسائل والمحروم وفي هذه الناحية بالذات يقول صاحب كتاب (التشريع الإسلامي الجزائري صفحة ١٨٠ ما يأتي: (إن خمسة أعشار الأراضي الزراعية في الجزائر كانت أوقافاً، وأن فرنسا حينما صادرت هذه الأملاك، بسطت يدها على الدين الإسلامي، وجعلت آلافاً من الأهالي الذين كانوا يعيشون في تلك الأراضي، جماعات تتجول لطلب العيش فأصبحت تسمى بفيالق الفقراء).
والحكومة الفرنسية تمثل فكرة لادينية، لا بكية، ومعنى هذه السياسة في العرف الذي نادت به فرنسا هو: الكنيسة الحرة تتعاون مع الدولة الحرة.
وتفسير ذلك أن تتمتع الحكومة عن فرض إرادتها على أنظمة الكنيسة قرارات رجال الدين، فيبقى الفاتيكان يقوم برسالته الدينية والسياسية، بحرية أوسع مما كان في السابق.
ولما انتقدت سياسة فصل الدين عن الدولة صرح المسيو في مجلس الشيوخ (أن هذا الفصل طلاق ولكنه يلزم الطرفين بالعيش تحت سقف واحد، مع تعاون وتفاهم أوثق مما عهداه وقبل صدور الحكم الطلاق).
وقال المسيو (إن الكاثوليك سيكونون أكثر كاثوليكية تحت هذا القانون، لأنه يؤكد سلطة البابا ويحترم ممثليه ويترك لهم الحرية أن يقفوا للدفاع عن أعمالهم أمام ممثلي الجمهورية).
وليس هناك أصرح من هذه الأقوال لترك شؤون الله لله وشؤون قيصر لقيصر، فما الذي هيأته حكومة الجمهورية التي فصلت الدين عن السياسة، لرعاياها المسلمين الذي اعترفت له بحقوقهم الدينية كاملة.
يقول صاحبا كتاب (بحث التشريع الجزائري) صفحة ٦٣٢ لارشير در كتنفالد
(إن الأوقاف الإسلامية التي تتولاها الدولة يصرف دخلها على ناحيتين:
الدين الكاثوليكي: ٧٩٠٠٠٠ فرنكا.
(الإسلامي: ٣٣٧٠٠٠)
والاعتراض الأساسي هو كيف تتولى دولة ينص دستورها على فصل تام بين شئون الدين والدنيا، إملاك دين لم يكن له بها صلة في يوم من الأيام، فعلى أية قاعدة بنيت هذه السياسة؟
والاعتراض الثاني هو إذا فرض أن رأت الدولة أن تتبرع من أموالها بهذه المبالغ وهي