صولة القلم وصلصلة البيان، وذاك خليفة له أبهة الخلافة وجلال السلطان! فإن كانت الجامعة بينهما عند الأستاذ هي الأدب فالدسوقي أدب من الرشيد وأوفر منه مشاركة فيه. ولم يعز إلى الرشيد إلا أبيات قليلة لا تبلغ عدد أصابع اليد على أنها لم تثبت له بل نحلها بعض الرواة شاعراً آخر من شعراء الأندلس.
والأستاذ الغزالي نفسه هو الذي ذكر الرشيد عند ذكر الفاروق في قصيدة عيد الجلوس فقال عن لواء الفاروق بعد كلام آخر: -
فيردّ الليالي الغر للشر ... ق ويحيى أيامه والرشيدا
وقال قبل ذلك عن هذا اللواء: -
يا لواء الفاروق عشت ملياً ... نحن نفدى لواءه المعقودا
والمليّ الزمان الطويل والله يقول: (واهجرني ملياً) وكان الأولى أن يقول (يا لواء الفاروق عشت دواماً). ويقول عن خمرة الربيع:
فاسقنيها في ربيع الزمن ... خمرة من ريها العذب أوامي
والأوام حر العطش وكيف يتأتى هذا من الري العذب؟
ويقول عن قلبه وهو يخاطب القمر:
قلبي الذي بات يصلي منك جمرته ... وقد حبته بلذع دونه سقر
والحباء العطاء وأحسبه لا يكون إلا في الخير لا في اللذع الذي هو شر من سقر!
وللأستاذ شعر كثير حسن وأبيات فيها جمال وصفاء، وليست الهنات التي قدمنا بما نعتنا أن نقول فيه ما قلناه أولا من أنه شاعر مجيد فيه طلاوة ولعبارته إشراق.
وثانيهم الأستاذ العوضي الوكيل وهو شاعر هادئ وديع حالم وإن كان قصير النفس غير مكثر في القول، والخصلة التي تغلب على جميع ما ينظم هي الأنين والبكاء بلا انقطاع! فهو يقف في مهرجان (الفيوم) فيقول بعد بيت واحد من القصيدة:
على شفتي من خمرة الحب نشوة ... تلهب ترنيمي بها وغنائيا
وإن كانت النشوة التي هي السكر في اللغة لا تكون على الشفة وهو يناجي القمر في قصيدته عنه فينحرف مسرعاً ليندب صباه ويبكيه فيقول:
له حسرات ملأن الضمير ... ووجد تلهب حتى استعر