للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تخيلتها معنى فلما رأيتها ... حسبت كأبي جئتها اليوم ثانيا

والبيت في ذاته حسن المعنى إلا أن كلمة (معنىً) بعد (تخيلتها) حشو اضطر إليه الشاعر فالخيال لا يكون إلا معنى أبداً، ويقول عن الفيوم أيضاً: -

هدانا إليها في السباسب طيبها ... على أن برح الشوق قد كان هاديا

وألمح هنا شبح بيت شوقي: -

ألمّ على أبيات ليلى بي الهوى ... وما غير أشواقي دليل ولا ركب

أو شبح البيت القديم:

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه ... فطيب تراب القبر دل على القبر

ويخاطب معالي الأستاذ الرئيس في نهاية قصيدة المنصورة قائلاً:

جعلت لأيام العروبة رونقاً ... يجمله الفاروق ذو العزم والأيدي

والأيدي بالياء صوابها الأيد بحذفها والأيد القوة ولعله تطبيع وجملة ما يقال في الأستاذ العوضي الوكيل - رغم ما قدمنا - أن به إحساساً وأن له قلباً، ولو استطاع التغلب على نزعته الحادة وجنوحه الشديد إلى البكاء والأنين لخطا خطوة فسيحة نحو مكان كرام الشعراء.

وثالثهم الأستاذ طاهر محمد أبو فاشا وهو شاعر اكتملت له أدوات الشاعر جميعاً، فبيانه جزل ضخم ممتاز، وخياله قوي رائع، والموسيقى تضطرب في شعره اضطراباً، أسمع إليه وهو ينفح عن الفن ويجعل منه عصب الحياة وروحها فيقول: -

ربما استغنت الحياة عن العـ ... لم على رغم ما جنى العلماء

وعلى الفن وحده عاش أجدا ... دك دهراً وهم به سعداء

إن من أطلقوا العقول علينا ... لست تدري أأحسنوا أم أساءوا

والذي ظنها تراباً وماء ... هو في نفسه تراب وماء!

ويقول في نفس القصيدة عن (الشاعر) هذا البيت الرائع:

ذو بيان لو عاقرته الندامى ... لتناهت عن شربها الندماء

وأسمع إليه وقد وقف في الزقازيق يقص أخبار أيامه الأولى بها:

من ترى أيقظ الخواطر حولي ... وأثار المطوي من صفحاتي؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>