للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

استوحاها في لبنان كما في قوله عن نفسه:

بدت له جارة الوادي الخصيب ضحا ... كل الأحبة في لبنان جيران

ويمكن أن يقال إنه، وهو في مصر، تمثل لبنان وقد تعاهدها أي أنه جرى على (الطريقة التمثلية).

أما القصيدة ذاتها فهي سبعة وثمانون بيتاً، نحو نصفها في الهوى والغيد وذكريات الشاعر في لبنان وتحسره على أيام في عهد الشباب، وقد أجاد في ذلك إجادة شيخ يتلفت قلبه إلى ما بلغه وما لم يبلغه من لذات الشباب وأمانيه. يقول:

أين الصبا؟ أين أوتاري وبهجتها ... طوت بساط لياليهن أزمان

أرنو لها اليوم والذكرى تؤرقني ... كما تنبه بعد الحلم وسنان

لا الكأس كأسي إذا طاف الحباب بها ... بعد الشباب، ولا الريحان ريحان

ثم انتقل الشاعر من هذا الغزل (السلفي) إلى العروبة فأشاد بمجد العرب وخص كلا من فلسطين ومصر وموضوع المؤتمر ببضعة أبيات ويظهر أنه كان قد استنفذ طاقته فجاء كلامه في الأغراض الأخيرة عابراً قليل الحرارة، وهذا كل ما قاله في قضية مصر:

ومصر والنيل ماذا اليوم خطبهما؟ ... فقد سرى بحديث النيل ركبان

كنانة الله حصن الشرق يحرسه ... شيب خفاف إلى الجلى وشبان

أبوا علي القسر أن يرضوا معاهدة ... بكل حرف بها قيد وسجان

وكم مشوا للقاء الموت في جزل ... والموت منكمش الأظفار خزيان

لكل جسم شرايين يعيش بها ... ومصر للشرق والإسلام شريان

والشاعر من (الشيب) ولكنه لم يخفف إلى الجلي، ولست أقصد أن يمشي للقاء الموت في الميدان، وإنما أعني جلى الشعر.

أفتكون هذه الأبيات هي كل بلائه في هذه الجلى؟ كان يجب عليه وقد تصدى لقضية مصر أن يشتم الإنجليز بسبعة أو ثمانية أبيات على الأقل، ولست أدري كيف يتهيأ لشاعر مصري أن يقول شعراً فيما نحن فيه الآن دون أن يمس هؤلاء الأعداء بحرف!

ذكرى شوقي في (الأوبرج):

منذ أسابيع أقرأ في بعض الصحف والمجلات أن حفلا سيقام في (الأوبرج) لتخليد ذكرى

<<  <  ج:
ص:  >  >>