قالوا: تنسك بعد الحج قلت لهم: ... أرى وأرجو وأخشى ظيزناباذا
ما أبعد النسك من قلب تضمنه ... قطربل فقري بنا فكلواذا
فإن سلمت، وما قلبي على ثقة ... من السلامة، لم أسلم ببغداذا
ومن الغريب أن مطيع بن اياس وهو رأس العصبة الماجنة، يذم بغداد كما يذم كلواذي ويأسف على عمره الذي زال عنه وأسكنه بغداد، ثم يدعو على بغداد وكلواذي بالخراب قائلا:
حبذا عيشنا الذي زال عنا ... حبذا ذاك، حين لا حبذا ذا
زاد هذا الزمان شراً وعسراً ... عندنا، إذ أحلنا بغداذا
بلد تمطر التراب على النا ... س، كما تمطر السماء الرذاذا
خربت عاجلا واخرب ذو العر ... ش بأعمال أهلها كلواذا
كان كلواذي ميناء مدينة بغداد، ترسو فيها السفن التجارية القادمة من واسط والبصرة أو القادمة من شمال بغداد في نهر دجلة أو نهر تامرا، وقد كانت عامرة على عهد العباسيين تمد بغداد بمختلف المنتوجات الزراعية، بل كانت من الأسباب الهامة التي جعلت المنصور يختار موضع مدينة السلام بغداد في هذا المكان.
قال المقدسي إن المنصور انتصح بما أشير عليه في بناء عاصمة ملكه في هذا الموضع، ويذكر هذا الجغرافي أن أصحاب المنصور قالوا له (تنزل في بغداد فإنك تصير بين أربعة طساسيج، طسوجان في الجانب الغربي وطسوجان في الجانب الشرقي، فأما اللذان في الجانب الغربي فقطربل وبادوريا وأما اللذان في الجانب الشرقي فنهر بوق وكلواذي).
وبقيت عامرة بقراها مدة طويلة من الزمن، وقد خرجت على عهد ياقوت أي في القرن السابع الهجري لأن ياقوت كانت وفاته سنة ٦٢٦هـ.
كانت أرض كلواذي منخفضة لذلك كانت مهددة بالغرق كلما زادت المياه في دجلة. ففي سنة إحدى وأربعين وستمائة مثلا زادت دجلة زيادة مفرطة وغرقت مواضع كثيرة في بغداد فعمل الناس سداً بين بغداد وكلواذي، وانتقلوا خلف السكر، وصليت الجمعة على طرف الخندق مما يلي دار المسناة - وهي القصر الموجود في القلعة حالياً -.
قال ابن الفوطي وفي هذه السنة ٦٤١هـ احكم السد الذي بين بغداد وكلواذي، وخرج تاج