للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

درجة خاصة مجيدة، وأن هناك اشتقاقاً آخر من المادة نفسها، وهو كلمة (علق)، ومعناها الشيء النفيس) فمدار القول هو الاعتبار المجازي في فهم الكلمة وإغفال المعنى الحرفي لها. فأين هي الجدة التي يسندها الأستاذ إلى رأيه؟.

وأما قوله إن المعلقات هي أول ما عنى بجمعه وتدوينه وحفظه بدعوى لا نحسب إلا أن علم الأستاذ وفضله ينوءان بها، وأيا كان الأمر، فان تعيين الأولية في هذا العصر البعيد أمر ليس من السهولة بحيث يلقى في كلمة في درج الكلام، بل لابد من النص الواضح أو الاستنتاج القاطع.

وبعد أن انتهى الأستاذ من عرض هذا الرأي وتوجيهه عمد إلى ما يخالفه من الآراء عرضاً ومناقشة، وقد اكتفى من هذا برأيين: الأول رأي ابن عبد ربه وابن خلدون وابن رشيق، والثاني رأي أبي جعفر النحاس المصري، وكان المنتظر أن يعرض إلى غير هذين الرأيين من آراء المحدثين، فقد جعل مستهل مقاله أن العلماء قد اختلفوا قديماً وحديثاً في سبب تسمية هذه القصائد، فالقارئ معذور إذا ظن أن الأستاذ يعرف مذهب المحدثين إلى التفسير المجازي، ثم أغضى عنه تمهيداً لوصف رأيه بالجدة والابتكار، وإلا فأين ما خالف فيه المحدثون عن رأي المتقدمين؟ ولكنا لا نقول بهذا، فليس مذهبنا في النقد أن ندخل إلى الضمائر ونحاسب على النيات، ولا نقول هنا إلا أن أول واجب يفرضه العلم على الباحث المؤرخ هو التقصي في طلب النصوص ومعرفة الآراء، والتثبت في وصف الرأي، والعصمة لله وحده.

أما أول الرأيين فيقول إن المعلقات كتبت بالذهب، وعلقت على أستار الكعبة، وكأن الأستاذ رأي هذا الرأي بين البطلان ظاهر الاستحالة، فاكتفى بعرض أقوال القائلين به وأغفل مناقشته ونقضه.

وأما الرأي الآخر فينكر دعوى تعليق المعلقات على أستار الكعبة، ويذهب إلى أن الملك كان إذا استحسن قصيدة مما كان ينشد في سوق عكاظ قال علقوا لنا هذه وأثبتوها في خزانتي فانظر ماذا يصنع النقد في هذا الكلام؟ يقول أبو جعفر (الملك) مطلقاً من غير تعيين، فيأبى الأستاذ إلا أن يفترض أن هذا الملك هو النعمان بن المنذر، ثم يبني على هذا الافتراض الذي افترضه هو اعتراضه موجهاً إلى أبي جعفر، فيقول إن عصر النعمان

<<  <  ج:
ص:  >  >>