للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في مكانه لحظة لا يدري ماذا يفعل، ثم مر قريباً منه (تاكسي) فاستوقفه ومد يده فخلع حذاءه وجوربه في حذر بحيث لا يمس إلى وجهه، ثم مشى حافياً ودخل السيارة وانطلق وترك الحذاء الجميل والجورب الثمين حيث كان يقف ولم يلتفت إليه لفتة كأنما يخشى حتى مجرد منظره!

وكم كان يبعث على الضحك منظر السابلة بعد ذلك إذ يلقون نظراتهم على هذا الحذاء في تعجب وهم لا يعلمون لم ألقى به هناك وبماذا يفسر وجوده، وكان يمشي بعضهم في سكون ودهشة بينما كان يستفهم البعض أحد الواقفين، واجتمع عدد من الخلق فمنهم من ينظر إلى العجوز ومنهم من ينظر إلى الحذاء، واختلط الأمر على الناس حتى لقد سمعت من كانوا في مؤخرة الزحمة يقول إنها قنبلة! ووثق بعضهم من الأمر فراح يصف طولها وحجمها وشكلها! وهكذا ينقلب الحذاء الجميل الهادئ إلى نوع مفزع من من المفرقعات!. .

وذكرت ليلة الأمس ومبلغ خوف ابن عمي، وحرت بين البطلين أيهما أولى بالرثاء، أهو ابن عمي أم هو صاحب الحذاء؟

الخفيف

هذا الطوفان. .!

للأديب الطاهر أحمد مكي

كنا جماعة، وكان الحديث عن الأدب. . . نقلب الرأي في طغيان الأدب الرخيص على العالي، وعدوان العامية على العربية، واحتلال المجلات الهزلية لعقول الناشئة، والصحف اليومية لجمهور المثقفين. . . وبقاء أدوات الفن الرفيع من مجلات وكتب، محصورة في دائرة ضيقة من الذيوع والانتشار! لأنها لا تتمشى من الغرائز، ولا تخضع لرأي العامة، ولا تهبط لمستوى الدهماء، ولا تستجلب رضا القراء، بصورة عارية، أو مقال مثير!. .

والناس اليوم في انحلال خلقي، مصدره قسوة الحرمان في أيام الحرب وأعقاب الحرب، واستهتار جنسي مبعثه إطلاق العنان للغرائز، واستسلام الفتيان للشهوات وتسرب الإباحية إلى العقول واندفاع الصحف التي همها أن تربح عن أي طريق، وأن تعيش بأي أسلوب، في ممالأة هذا اللون من الحياة!

<<  <  ج:
ص:  >  >>