قال الطبيب (رائع!. رائع. . لقد تماثلت يا) صغيري (للشفاء. . وكدت أن تبرأ وتعاودك عافيتك!. .).
فأصغى الضابط الشاب إلى فيهقته في النطق. . وهو يضحك جزلا. . ثم هاجته ذكرى ذلك (الفنلندي). . والسيدة ذات الثنايا اللؤلؤية. . والقطار. . فانقلب ضحكه إلى قهقهة. .
ثم لم يلبث أن طلب بعض الطعام والسجائر. . وقال في إلحاف (أيها الطبيب!. دعهم يحضرون لي خبزاً وسرديناً وملحاً. .) فأبى الطبيب عليه ذلك!. وصدع (بافل) بأمره. . ولم يسع في طلب الخبز لسيده. . فطفق (كليموف) يصرخ ويصيح كالطفل حينما لا يجاب إلى بغيته. . فقال له الطبيب وهو يضحك مداعباً:(اسكت. . أيها الوليد الصغير. .) فلم يسع كليموف سوى أن يشاركه ضحكه! ولما غادره الطبيب أغرق في وسن هادئ عميق. . . أفاق منه بعد حين ومازال هذا الإحساس المفعم بالمرح، الفياض بالسعادة. يتملكه ويتسلط عليه نفسه. . وقد جلست خالته بجانب فراشه. . . فابتدرها قائلا في بهجة وبشر:(أه. . يا خالتي!. ما الذي كنت أعانيه؟!. .)
- (تيفوس!. . .)
- (أحسبه كذلك! بيد أني الآن في تمام الصحة أين كاتي؟)
- (ليس بالدار!. . . لعلها ذهبت لزيارة إحدى لداتها بعد فراغها من الامتحان!.)
ومالت المرأة العجوزة - وهي تقول ذلك - نحو جوربها كأنها تبغي إصلاحه بيد أن شفتيها أخذتا ترتعدان!. فأشاحت بوجهها بعيداً. . . وبغتة راحت تجهش بالبكاء وتنشج بالنحيب.
لقد نسيت في غمرة حزنها وحسرتها ما أمرها به الطبيب ففتأت تصيح:(آه. . . كاتي! كاتي!. . . لقد ذهب عنا ملاكنا. . . لقد رحلت!.) وأطرقت برأسها إلى الأرض، وهي تتأوه من البث والأسى. . . فحملق كليموف في شعرها الرمادي. . لا يحير فهما لما تقول، فسألها وقد تولاه الانزعاج. . . لكاتي. . . (ولكن أين ذهبت يا خالتي؟؟!!.).
فأجابته العجوز بين دموعها التي راحت تنهمر على وجنتيها، وتكاد أن تخنق صوتها:(لقد أصيبت منك بالتيفوس!. . وماتت! وواريناها التراب في اليوم السابق على البارحة!).
على الرغم من فجاءة وهول ذلك النبأ المفزع المروع. . . فما استطاع (كليموف) أن يقمع