للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يقول عند تفسيره لقوله تعالى (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين) ما يأتي (أما الحق فهو إشارة إلى البراهين الدالة على التوحيد والعدل والنبوة).

ويقول عند تفسيره لقوله تعالى (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين) ما يأتي (اعلم أن قوله تلك إشارة إلى القصص التي ذكرها. . . أما قوله بالحق ففيه وجوه. أحدها أن المراد من ذكر هذه القصص أن يعتبر بها محمد صلى الله عليه وسلم وتعتبر بها أمته في احتمال الشدائد في الجهاد كما احتملها المؤمنون في الأمم المتقدمة).

وإذا وصلنا إلى هذه النقطة وعرفنا أن الصنيع الأدبي أو البلاغي في الأسطورة هو الأمر الذي فطن إليه الرازي وقال بوجوده كان علينا أن نرصد الفوائد التي نجنيها أو المضار التي نزيلها حين نتابع الرازي في رأيه ونفسر بعض القصص القرآنية هذا التفسير البلاغي أو الديني القديم.

أما الفوائد فهي رد عادية المستشرقين والملاحدة حين يوجهون الطعن إلى النبي والقرآن الكريم. ذلك لأنهم يقولون بما قال به المشركون من قبل من أن القرآن قد جاء بالأساطير. ولعل هؤلاء أقوى سنداً وأثبت حجة حين يوردون الدليل تلو الدليل على ما ورد في القرآن من أساطير.

لن نقول لهؤلاء إلا ما قاله الرازي لأسلافهم منذ قرون. ولن نطلب إليهم إلا أن يفرقوا بين أمرين جسم القصة أو هيكل الحكاية وما فيها من توجيهات دينية نحو الدعوة الإسلامية ومبادئ الدين الحنيف. ولن نقول لهم إلا أن الأمر الأول كان وسيلة لا غاية وأنها وسيلة غير مقصودة لذاتها من القرآن الكريم. ولن نقول لهم إلا أن الأمر الثاني هو المقصود بالذات وأنه الحق الذي ليس بعده حق فيما يخص دعوتنا الإسلامية وشرعنا الحنيف.

إن تمسكنا بالرأي الذي يقول أن جسم القصة أو هيكل الحكاية حق ثابت بعد أن ثبت لدى العلماء الدارسين أنها من الأساطير أمر يعرض القرآن لشر عظيم.

وإن قولنا بالتفرقة بين الأمرين جسم القصة وما فيها من توجيهات هو الذي يتفق والصنيع الأدبي وهو الذي يرد عن القرآن عادية الملاحدة والمستشرقين.

هذه أخطر نقطة فيما بيني وبين أستاذي من خلاف. أعرضها عليكم وعلى قراء مجلتكم

<<  <  ج:
ص:  >  >>