أفضلية لها على شعراء الجمال) إلى أن قال (وأما فيما عدا ذلك فشعر حافظ، كما قال فيه الدكتور شميل - ولم يرد أن يطريه - كالبنيان المرصوص متين لا تجد فيه متهدماً، فهو يعتمد في تعبيره على متانة التركيب وجودة الأسلوب أكثر من اعتماده على الابتداع أو الخيال).
وقال الأستاذ الكبير إنه كان يعيب (رسميات) شوقي دائماً أو تقليدياته. ثم قال إن هذا الرأي في الشاعرين لم يتغير كثيراً، ولكنه يرجع فيهما إلى مقاييس أعم وأوُسع، وأجمل هذه المقاييس في ثلاثة، أولها أن الشعر قيمة إنسانية ليس بقيمة لسانية، وثانيها أن القصيدة بنية حية وليست قطعاً متناثرة يجمعها إطار واحد، وثالثها أن الشعر تعبير وأن الشاعر الذي لا يعبر عن نفسه صانع وليس بذي سليقة إنسانية. ثم قال:(وإذا عرضت الشاعرين - شوقياً وحافظاً - على هذه المقاييس الثلاثة صح أن تقول: إن حافظاً أشعر ولكن شوقياً أقدر، لأن ديوان حافظ هو سجل حياته الباطنية لا مراء. أما ديوان شوقي فهو (كسوة التشريفة) التي يمثل بها الرجل أمام الأنظار)
رأي المازني:
والأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني هو الباقي من نقاد شوقي القدماء، وقد تفقدته بينهم في (الكتاب) ولكني وجدته في (الهلال) أعني وجدت مقالا له عن شوقي، أما هو نفسه فلا أتمثله إلا جالساً إلى مكتبه في (معمل مقالاته) يكتب. . . . ويكتب. هذه مقالة لأخبار اليوم، وثانية للمسامرات، وثالثة للاثنين، ورابعة للبلاغ، وخامسة للمصري، و. . . الخ ويخيل إلي أنه يكتب مقالات (جاهزة) لتدفع إلى من يطلبها دون انتظار.
والمقالة التي كتبها للهلال عن شوقي، هي وإن كانت من (الموصى عليه) إلا أنها على كل حال من نتاج (المعمل) فهي متأثرة بجوه الذي تسوده سرعة الإنجاز، فالأستاذ ليس متفرغاً لإنضاج رأي جديد في شعر شوقي، بل لتذكر رأيه القديم. . . فلا بأس بأن يملأ بعض الصفحات ببعض الحوادث والنوادر التي جرت بينه وبين شوقي، حتى إذا جد الجد فاقتضى الحال أن يقول شيئاً في شعر شوقي قال:(وما زال رأيي في شعره كما كان. . وهو أنه كان في صدر حياته أشعر منه في أخرياتها، ولكنه في العهد الأخير كان أبلغ عبارة وأعلى بياناً) وليس هذا هو رأيه الذي كان. . لأن المازني هو أحد أستاذي المذهب