للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد عبد المنعم خفاجى

مكتبة دنفر

من محاسن المصادفات أنه في الوقت الذي كتب فيه الأستاذ (العباس) كلمته اللاذعة عن بعض عيوب دار الكتب المصرية (عدد٧٤٣) وافانا البريد الأمريكي - ضمن رسائله - بتقرير هام بالنسبة لنا عن مكتبة بلدة أمريكية صغيرة تدعى (دنفر ووجه الأهمية في هذا التقرير أنه يوضح لنا بجلاء كيف أمكن لبلدة صغيرة كهذه أن تؤسس لها مكتبة ناجحة ومن ثم يساعدنا على استنتاج أن علة جمود دارنا ونشاط دور الكتب الأمريكية مثلا ليست - كما يعتقد الكثيرون - راجعة إلى الفرق الواضح بين مصر وأمريكا من حيث عدد السكان أو الثورة العامة أو ما شابه ذلك بقدر ما هي راجعة إلى الفرق بين نظام ونظام وبين اتجاه واتجاه.

ذلك لأن مهمة دور الكتب عندهم بصفة إجمالية ليست مجرد (إعارة الكتب) لمن يستطيع أن يستعيرها كما هو حادث لدينا بل تيسير الثقافة بصفة شاملة تيسيراً جدياً ومجدياً للمواطنين جميعاً كباراً وصغاراً على اختلاف ظروفهم وأمزجتهم وحالاتهم المادية والثقافية. بمعنى أن دارنا تعرض كتباً لا يستفيد منها غير الأدباء غالباً بينما دورهم تعرض مراجع من كل لون وفن بحيث يمكن أن يستفيد منها الزارع والموظف والتاجر والتلميذ والكاتب والشاعر والفيلسوف وذو الثقافة المحدودة والمليونير والفقير والرجل والمرأة إلخ. وبمعنى أن دارنا تترك كل فرد لنفسه يتخبط - إن استطاع - في طريقة البحث بينما دورهم تتعاون معهم تعاوناً وثيقاً فتهيئ لهم طرق التحصيل المثمر كما تنظم مناظرات في كل أنواع (المعرفة) ومحاضرات مشوقة للأطفال وأحاديث مناسبة للسيدات وتصدر نشرات سنوية وأحياناً نصف سنوية عن جهُودها ونظمها وتطوراتها وما يوجه إليها من نقد وما تتوخى إضلاحه. . الخ.

ولعل هذا كله راجع إلى سبب أصيل هو شغفهم - دوننا مع الأسف الشديد - بتثقيف أنفسهم في شتى مرافق الحياة بدليل لا يقبل الجدل وهو أن دورهم لا تعتمد على الحكومة كدارنا بل على المواطنين أنفسهم فهم الذين يتولون وحدهم شؤونها من إنفاق أو إدارة أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>