شيئاً من أبدانهم وأجسامهم! تلك الأجسام الهزيلة الضعيفة، التي لا تكاد تقوى على الحركة والحياة، فلقد اجتمع عليها المهلكات الثلاث: الفقر والمرض والجهل. . . وما أكثر هؤلاء الصبية في محط الشلال، حيث القطر الحديدية، والبواخر النيلية. .
وفي الدكة مشروع للري، ولهذا فقد اشتغل كثير من أهلها بالزراعة، وقد شعرت وزارة المعارف بازدياد حركة التعليم في هذه البلاد فأنشأت في الدكة مدرسة ابتدائية، حتى تقاوم الجهل وتثقف العقول، وتنير الأذهان والفهوم. .
وكذلك في كل من العلاقي، والسيالة، مشروع للري، بعث النشاط نسبيا في أهل هذه البلاد وما جاورها، وجذبها إلى موطنها الأصلي، بدل التشرد في كثير من بلاد القطر، سعياً وراء الرزق والقوت، ومزاولة أعمال ومهن، اشتهرت بهم، واشتهروا بها، ولكنها لا تناسبهم الآن، أو بالأحرى لا يرضى الجيل المتعلم الجديد، الذي تعلم واكتملت ثقافته، واتسعت مداركه. . .
والمنطقة الثانية من السبوع، إلى كرسكو، وهي ست محطات: السبوع، وادي العرب، شاترمة، المالكي، السنغاري كرسكو، وليس في هذه المنطقة مشروعات للري، ومع هذا فأهلها يزرعون المساحات القليلة الضئيلة على جانبي النيل، ويجدون في هذا مشقة لا تكاد توصف، ويكفي أن تدرك، أنهم يجلبون (الطمى) من النيل عندما ينحسر الماء، ويضعونه فوق السفح الصخري إلى حد يكفي لنمو النبات، ثم يرفعون الماء بالدوالي والنواعير، ويبذلون في ذلك جهداً لا يقاس به جهد إنسان والغني القادر فيهم من يصلح بهذه الطريقة بضعة قراريط!!
بيد أن بلدة المضيق، خليط من العرب أهل المنطقة الثانية، ومن النوبيين الشماليين، أهل المنطقة الأولى، ولهذا تجد لغتهم خليط من العربية و (الرطانة) النوبية، وكذلك بلدة كرسكز على هذا الوضع لوقوعها بين المنطقة الثانية، والمنطقة النوبية. . . منطقة أهل الجنوب. .
وأما المنطقة الثالثة فهي أحسن حظاً من هاتين المنطقتين، وأرغد عيشاً، وأكثر ثراء وغنى، وهي أربع عشرة محطة: أبو حنضل، الديوان، الدر، توماس، قتة، إبريم، عنيبة، الجنينة، مصمص، توشكي، أرمنا، أبو سمبل، بلانه، أدندان.
وفي كل من توماس، وعنيبة، وبلانة، مشروع للري، إلا أن بلانة أخصب بلاد النوبة،